✨الإسراء والمعراج الشريفين(9)✨

✨الإسراء والمعراج الشريفين(9)✨

✨✨من عجائب ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعراج:

👈رؤيتُهُ صلى الله عليه وسلم لله عزَّ وجلَّ بفؤادِهِ لا بعينِهِ: ومما أكرمَ اللهُ به نبيَّهُ في ليلة الاسراء والمعراج أن أزالَ عن قلبِهِ صلى الله عليه وسلم الحجابَ المعنويَّ، فرأى اللهَ بفؤادِهِ، أي جَعَلَ اللهُ لَهُ قوةَ الرؤيةِ في قلبِهِ لا بعينِهِ لأن اللهَ لا يُرى بالعينِ الفانيةِ في الدنيا، فَقَدْ قَالَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم: “واعلمُوا أنكم لن تَرَوْا ربَّكمْ حتى تمُوتُوا“. وإنما يُرى اللهُ في الآخرةِ بالعينِ الباقيةِ، يراه المؤمنونَ الذين ءامنوا باللهِ ورُسُلِهِ، لا يشبِهُ شيئًا من الأشياء، بلا مكانٍ ولا جهةٍ ولا مقابلةٍ ولا ثبوتِ مسافةٍ ولا اتصالِ شُعَاعٍ بين الرائي وبينَهُ عزَّ وجلَّ. يرى المؤمنون اللهَ عزَّ وجلَّ لا كما يُرى المخلوق. فقد روى البخاريُّ وغيْرُهُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: “أما إنكم ترونَ رَبَّكُمْ يومَ القيامةِ كما ترونَ القمرَ ليلةَ البدرِ لا تضامُّونَ في رؤيتِهِ“. أي لا تشكُّون أن الذي تَرَوْنَ هو اللهُ كما لا تشكونَ في قمرِ ليلةِ البدرِ، ولا يعني أن بينَ اللهِ تعالى وبينَ القمرِ مشابهةٌ. قال تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [سورة القيامة/23.22]. أما الكفارُ فلا يرونَ اللهَ في الدنيا ولا في الآخرةِ وهم مخلدونَ في نارِ جهنمَ. قال تعالى: ﴿ كَلاَّ إِنِّهُمْ عَن رَبِّــهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ﴾ [سورة المطففين/15].

👈والدليلُ على أن الرسولَ رأى ربَّهُ بفؤادِهِ مرتينِ في المعراجِ ما أخرجه مسلمٌ عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنه في قولِهِ تعالى ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [سورة النجم/11] ﴿ وَلَقَدْ رَءاهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [سورة النجم/13] قال: رءاهُ بفؤادِهِ مرتينِ.

👈رؤيتُهُ صلى الله عليه وسلم لسيدِنا جبريلَ عليهِ السلامُ على هيئتِهِ الأصليةِ: كان صلى الله عليه وسلم قَدْ رَأى جِبريلَ عليه السلامُ في المرةِ الأولى في مكةَ على هيئتِهِ الأصليةِ، فَغُشيَ عليهِ، أمَّا في هذِهِ الليلةِ المباركةِ ليلة الاسراء والمعراج فقدْ رءاه للمرةِ الثانيةِ على هيئتِهِ الأصليةِ فلمْ يُغْشَ عليهِ إذْ إنَّهُ ازدادَ تَمَكُّنًا وقُوّةً.
فقد روى مسلمٌ عنْ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [سورة النجم/9.8]. قالت: إنما ذاكَ جبريلُ كانَ يأتيهِ، وإنهُ أتاهُ في هذهِ المرةِ في صورتِهِ التي هي هيأتُهُ الأصليةُ فَسَدَّ أُفُقَ السماءِ.

👈وليسَ معنى هاتينِ الآيتينِ: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [سورة النجم/9.8]. أن الله دنا منَ الرسولِ حتى قربَ منهُ بالمسافةِ قَدْر ذراعينِ أو أقلَّ، والذي يعتقدُ هذا يضِلُّ ويكفر. أما المعنى الصحيحُ فهو أنَّ جبريل دنا منْ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم (فَتَدَلَّى) أي جبريلُ في دنوِهِ مِنْ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ) أي ذراعين (أَوْ أَدْنَى) أي بلْ أقربَ. وهناكَ ظَهَرَ له بهيأتِهِ الأصليةِ وله سِتُّمائةِ جناحٍ، وكلُّ جناحٍ يَسُدُّ ما بين الأرضِ والسماءِ. 

رحم الله من كتبه ومن نشره
أحدث أقدم