تفسير بعض آيات القرآن الكريم



تفسير بعض آيات القرآن الكريم 


ءاية ومعنى (1)

قوله تعالى ( وهو القاهر فوق عباده ) معناه فوقهم بالقهر والغلبة وليس بالحيز والمكان كما ذكر القرطبي في تفسيره فالله تعالى منزه عن التحيز في المكان والجهة.

》كتاب تفسير القرطبي، طبع دار الكتب العلمية ط٢ 
﴿وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾: "الْقَهْرُ الْغَلَبَةُ، وَالْقَاهِرُ الْغَالِبُ". 
 》ثم قال: "وَمَعْنَى ﴿فَوْقَ عِبادِهِ﴾ فَوْقِيَّةُ الِاسْتِعْلَاءِ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ عَلَيْهِمْ، أَيْ هُمْ تَحْتَ تَسْخِيرِهِ لَا فَوْقِيَّةَ مَكَانٍ، كَمَا تَقُولُ: السُّلْطَانُ فَوْقَ رَعِيَّتِهِ أَيْ بِالْمَنْزِلَةِ وَالرِّفْعَةِ".

قال الامام الطبري في جامع البيان " وقد بينا ان كل شيء عال بقهر وغلبة على شيء ، فإن العرب تقول (وهو فوقه)

وهذا في قوله تعالى " وهو القاهر فوق عباده " 
قرن الفوقية بصفة القهر والغلبة وليس الفوقية الجهوية .

لان الله كان متصفا بعلو القدر والعظمة قبل خلق العرش ولما خلق العرش لم يزد العرش في كمال علو الله شيئا لان علوه تعالى لم يكن ناقصا واكتمل بوجود العرش .. 

فالعرش مخلوق اوجده الله من الماء وهو يشبه السرير الحسي الملموس عظيم الحجم وهو سقف الجنة كما قال الامام احمد كما ثبت عنده من الحديث وفوق العرش حقيقة كتاب مكتوب فيه ان رحمتي سبقت غضبي .. وقال بعض العلماء فوق العرش ايضا اللوح المحفوظ .. فهذا العلو المكاني الملموس الحسي مخلوق وهو عال جدا بالمناسبة اعلى العالم ... 

فلا يجوز ان يكون علو العرش او علو الكتاب الذي فوق العرش شبيها بعلو الله بأي وجه من الوجوه 
فالله ليس له شريك من خلقه في صفاته .. لا العرش شريك لله في العلو ولا الكتاب ولا الملائكة ولا غيرهم

ولا يقال لمن خلق الاين اين 
لان الاين بالمعنى المكاني لا تليق بالله لانه غني عنها قبل ان يخلقها وبعد ان خلقها 

قال تعالى وخلق كل شيء 
و قال عليه السلام كان الله ولم يكن شيء غيره 


كلمة فوق في لغة العرب لها معنيان، إما أن تكون بمعنى ارتفاع المكان والجهة وإما أن تكون باعتبار الدرجة والقدرة والعلم، على حسب ما يفهم الشخص من كلمة الله فوق. إن كان يفهم منه أن الله متحيز في هذه الجهة، جهة فوق، فهو كفر. السماء في جهة فوق والعرش والملائكة أكثرهم في جهة فوق والنجم والشمس والقمر والجنة في جهة فوق، الله لا يقال فيه على هذا المعنى الله فوق، لا يقال. بالنسبة إلى الله فوق وتحت على حد سواء، بالنسبة إلى ذات الله العرش والأرض السفلى الأرض السابعة على حد سواء، ليس متحيزًا على العرش بحيث يكون بعيدًا عن الأرض، بل الأرض والعرش بالنسبة إلى ذات الله على حد سواء، لأنه موجود بلا مكان ولا جهة هذا هو عقيدة أهل الحق الذي عليه علماء الإسلام في الشرق والغرب. أما من يقول الله فوق ويفهم منه أنه أقدر من كل شىء وأعلم من كل عالم وأنه خالق كل شىء فلا يضر العقيدة. ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ معناه الله تعالى قاهر فوق عباده أي بالقدرة والعلم، معناه قادر عليهم، لا يخرج شىء عن قدرة الله وعن علم الله، هذا معنى ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ أي قهر كل شىء، أعلى من عباده، أي بالقدرة والعلم، على هذا المعنى من قال الله فوق لا يكفر. أما الذي يعتقد أن الله متحيز في جهة فوق كما أن العرش والسموات والجنة في جهة فوق، الذي يقول على هذا المعنى الله فوق كافر. كلمة فوق تقال لشىء في جهة فوق كما إذا قلنا السماء فوق والعرش فوق والجنة فوق ويقال أيضًا السلطان فوق الأمير والخليفة فوق السلطان معناه بالحكم والقوة والتدبير. الذي يقول الله فوق، إن كان يفهم من هذا أن الله في هذه الجهة، متحيز، كما أن النجوم والعرش والسموات والجنة متحيزون فوق في جهة فوق، من يعتقد أن الله أيضًا متحيز في جهة فوق على العرش أو على الكرسي، هذا كافر، ما عرف الله. الله تعالى كان قبل الفوق والتحت واليمين والشمال والأمام والخلف، قبل العرش، قبل الجهات الست، قبل الضوء وقبل الظلام، قبل المكان، قبل الزمان كان موجودًا، لا ابتداء لوجوده. ثم خلق المكان، خلق الجهات الست، خلق الشمس والقمر، وخلق الضوء والظلام والملائكة فهو كما كان قبل أن يخلق العالم، لم يتغير، لم يتخذ مكانًا. بعد أن خلق العرش لم يتخذ العرش مكانًا، هو كما كان قبل أن يخلق العرش لا يتغير. كل شىء يتحول من حال إلى حال مخلوق، الخالق لا يتحول من حال إلى حال، لذلك أي لأنه موجود بلا مكان ولا جهة وليس حجمًا كبيرًا ولا حجمًا صغيرًا ولا بأي حجم، لذلك لا يمكن تصور الله في النفس، لا يمكن. أما المخلوق بما أن له حجمًا كبيرًا أو صغيرًا لو لم نره نتصوره في عقولنا.


꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (2)

قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) 
معناه الله تعالى قهر العرش وليس معنى استوى هنا جلس لأن الجلوس صفة المخلوق والله تعالى لا يوصف بذلك كما ذكر مثل هذا الرازي في تفسيره.

  فَسَّرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِالْقَهْرِ لَكِنْ لا يُقْطَعُ بِأَنَّ مُرَادَ اللَّهِ بِالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ الْقَهْرُ إِنَّمَا يُظَنُّ ظَنًّا رَاجِحًا. وَمَعْنَى قَهْرِ اللَّهِ لِلْعَرْشِ الَّذِى هُوَ أَكْبَرُ الْمَخْلُوقَاتِ حَجْمًا أَنَّ الْعَرْشَ تَحْتَ تَصَرُّفِ اللَّهِ هُوَ أَوْجَدَهُ وَحَفِظَهُ وَأَبْقَاهُ، حَفِظَهُ مِنَ الْهُوِىِّ وَالسُّقُوطِ وَلَوْلا حِفْظُ اللَّهِ لَهُ لَهَوَى وَتَحَطَّمَ. أَمَّا مَنْ يُفَسِّرُ الِاسْتِوَاءَ بِالْجُلُوسِ أَوِ الِاسْتِقْرَارِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ جَالِسٌ عَلَى الْعَرْشِ أَوْ مُسْتَقِرٌّ عَلَيْهِ أَوْ مُحَاذٍ لَهُ بِوُجُودِ فَرَاغٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَرْشِ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ. فَتُحْمَلُ الآيَةُ عَلَى الْقَهْرِ أَوْ يُقَالُ اسْتَوَى اسْتِوَاءً يَلِيقُ بِهِ أَوِ اسْتَوَى بِلا كَيْفٍ. وَالْكَيْفُ الْمَنْفِىُّ عَنِ اللَّهِ هُوَ مَا كَانَ مِنْ صِفَاتِ الْخَلْقِ كَالْجُلُوسِ وَالِاسْتِقْرَارِ وَالْمُحَاذَاةِ أَىْ كَوْنِ الشَّىْءٍ فِى مُقَابِلِ شَىْءٍ وَالتَّحَيُّزِ فِى الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ. وَهَذِهِ الآيَةُ ﴿الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ مِنَ الآيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ وَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِىِّ ﷺ اعْمَلُوا بِمُحْكَمِهِ (أَىِ الْقُرْءَانِ) وَءَامِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِى صَحِيحِهِ. وَءَامِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ أَىْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَوَهَّمُوا أَنَّ مَعَانِيَهُ مِنْ صِفَاتِ الأَجْسَامِ فَقَدْ نَقَلَ الْبَيْهَقِىُّ فِى كِتَابِ الْمُعْتَقَدِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ وَمَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ أَنَّهُمْ سُئِلُوا عَنِ الآيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ فَقَالُوا أَمِّرُوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلا كَيْفِيَّةٍ، أَىْ ءَامِنُوا بِهَا وَلا تُفَسِّرُوهَا تَفْسِيرًا فَاسِدًا بِنِسْبَةِ الْكَيْفِيَّةِ إِلَى اللَّهِ. وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِوَاءَ فِى لُغَةِ الْعَرَبِ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنًى مِنْهَا مَا لا يَلِيقُ بِاللَّهِ كَالْجُلُوسِ وَالِاسْتِقْرَارِ وَمِنْهَا مَا يَلِيقُ بِاللَّهِ كَالْقَهْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾.


꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (3)

قوله تعالى ( والفتنة أشد من القتل ) 
معناه الفتنة في الدين أي الكفر أشد من القتل وليس معنى الفتنة هنا النميمة فالقتل أعظم وأشد من النميمة ولا يجوز اعتقاد أن النميمة ذنبها أكبر من القتل
قال الطَّبَرِي:القَولُ فِي تَأوِيلِ قَولِه تَعَالَى: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾
 يَعنِي وَالشِّركُ باللهِ أشَدُّ مِنَ القَتلِ.

وَأصلُ الفِتنَةِ الابتِلَاءُ وَالاختِبَارُ، فَتَأوِيلُ الكَلَامِ: وَابتِلاءُ المُؤمِنِ فِي دِينِه حَتَّى يَرجِعَ عنهُ فَيَصِيرَ مُشرِكًا باللهِ مِن بَعدِ إسلَامِهِ أَشَدُّ عَلَيهِ وَأَضَرُّ مِن أَن يَقتُل مُقِيمًا عَلَى دِينِه مُتَمَسِّكًا بِمِلَّتِهِ مُحِقًّا فِيهِ.

وَقَال مُجَاهِدٌ فِي قَولِه تَعَالَى: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾
 ارتِدَادُ المُؤمِنِ إِلَى الوَثَن أَشَدُّ عَلَيهِ مِن أَن يَقتُلَ.


꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (4)

قوله تعالى عن سفينة نوح ( تجري بأعيننا ) 
معناه تجري بحفظنا فالعين هنا معناها الحفظ وليس معناها العين الجارحة لأن الله تعالى منزه عن ذلك فسفينة نوح كانت تجري وسط الموج بحفظ الله تعالى.
الله تعالى يقول إن سفينةَ نوح تجري بإذني لا يُصيبُها غرَقٌ (1) هذا مراد الآية،*

*{أعينُنا} لفظُ الجمعِ، القرءانُ عبَّر بالجمعِ لتعظيمِ عينِ الله ليس معناه أن الله له عيونٌ مركبة على هذا الوجه، الذي يَنظُرُ إلى ظاهرِ اللفظ يقول "إن الله لهُ عين هنا وعين هنا" وصَفَ الله بأبشعِ صورة،*

*الذين يقولون "الله له عين حدقة ووجه جسم" هؤلاء شتموا الله.*
*سفينة نوح عليه السلام صارت تدورُ على الماءِ ستةَ أشهر، ذهبت إلى عرفةَ ومكةَ ومزدلفةَ ومنى إلى الأماكن التي يُعمَلُ فيها أعمالُ الحج،*

*جرت بحفظِ الله، هذا معنى {بأعيننا} *

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂
ءاية ومعنى (5)

قوله تعالى ( وهو معكم أينما كنتم )
معناه بعلمه وليس معناه أن الله تعالى متحيز في كل مكان كما يقول بعض الناس ( الله موجود في كل مكان ) بل هذا الكلام لا يجوز لأن الله تعالى هو خالق الأمكنة ولا يحتاجها.

تفسير قول الله تعالى : { وهو معكم أين ما كنتم } [4: سورةالحديد] أي بالعلم والقدرة (أي الله عالم بكم أينما كنتم). قال الثوري: المعنى علمه معكم.

وهذه الآية أجمعت الأمّة على هذا التأويل فيها، وأنها لا تحمل على ظاهرها من المعية بالذات. 
وهي حجة على من منع التأويل في غيرها مما يُجرى مجراها من استحالة الحمل على ظاهرها.
10/ 101 من البحر المحيط في التفسير للحافظ أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي المتوفى سنة 745 هجرية رحمه الله 
معنى قولِه تعالى { وهو معكم أينما كنتم } الإحاطةُ بالعلم وتأتي المَعِيّةُ أيضًا بمعنى النُّصرةِ والكِلاءةِ كقولِه تعالى { إنّ الله معَ الذين اتّقَوا } أي ينصرُهم ، يُؤَيِّدُهم بنصرِه

ليس معناه أنّ الله مع المتّقين بالذات لأنّ هؤلاء المتّقين هم بشرٌ خلقٌ مِن خلقِ الله لهم مكان لهم جهة فلا يجوزُ أنْ يكونَ المعنى أنّ الله بذاتِه معهم.
وليس المَعنِيَّ بها الحُلولَ والاتّصالَ، ويكفُرُ مَن يعتقدُ ذلك لأنه سبحانه وتعالى مُنَزَّهٌ عن الاتصالِ والانفصالِ بالمسافة.
فلا يقالُ إنه متّصلٌ بالعالم ولا مُنفصِلٌ عنه بالمسافة لأنّ هذه الأمورَ مِن صفاتِ الحجم والحجمُ هو الذي يقبَلُ الأمرين والله عز وجل ليس بحادث ، نفَى ذلك عن نفسِه بقولِه { ليس كمثلِه شىء }

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂
ءاية ومعنى (6)

قوله تعالى ( يوم يكشف عن ساق ) 

معناه يكشف عن شدة من الأمر وأهوال وليس معنى الساق هنا الساق الذي هو العضو الجارح لأن الله تعالى منزه عن الأعضاء والجوارح، فمن الضلال ما يقوله البعض أن الله يكشف عن ساقه التي هي العضو.

- تأويل الضحاك وقتادة وسعيد بن جبير للفظ الساق فقد جاء في تفسير الطبري 29 / 38 – 39 عند قوله تعالى {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قال الضحاك "هو أمر شديد"، وقال قتادة "أمر فظيع وشدّة الأمر"، وقال سعيد "شدة الأمر". وقال الإمام الطبري قبل هذا بأسطر "قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل: يبدو عن أمر شديد" اهـ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (7)
قوله تعالى 
( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ ) 

يجوز أن يكون المراد باليدين الحفظ والعناية أي أن ءادم عليه السلام خلقه الله بعنايته وحفظه لأنه مشرف عند الله ولا يجوز أن نفسر اليدين بالعضو الجارح لأن الله منزه عن ذلك.

قوله تعالى في توبيخ إبليس الذي استكبر عن السجود لنبيّ الله آدم ‏سجود تحية بعدما أمره الله بذلك فكفر والعياذ بالله لاستكباره وتعنّته: ‌‏"ما منعكَ أن تسجدَ لِما خلقتُ بِيَدَيَّ" (الآية 75 من سورة صاد)، قال ‏فيه العلامة أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط إن ذلك عبارة عن ‏القدرة والقوة، ومعلوم لمن مارس شيئاً من علم النحو واللغة والتفسير ‏أن أبا حيان من كبار اللغويين والنحاة فلا يُعترض على مثله في ذلك، ‏ومن أين لمعترض على تأويل أبي حيان أن يجاريه علماً وفقهاً.‏


وقال الماوردي في تفسيره "بيديّ" فيه أوجه منها بقدرتي ومنه قول ‏الشاعر‎:‌‏ تحملت من عفراء ما ليس لي به.. ولا للجبال الراسيات يدان ‌‏(هي بمعنى القدرة وإن جاءت من حيث اللفظ بالتثنية "يدان")‌‎.‌‏ 

ويجوز ‏أن يقال المراد باليَدين هنا العناية والحفظ، ويدلّ قوله تعالى: "بيديَّ" ‏على أن آدم خُلِق مُشرّفا مُكرّماً بخلاف إبليس خلقه الله للإهانة، ‏وكلاهما بل وسائر المخلوقات خلقها الله بقدرته كما يقول السادة ‏الأشاعرة‎. 

ولا يجوز أن تحمل كلمة بيدَيَّ على معنى الجارحة أي العضو لأنه لو ‏كانت لله جارحة لكان شبيهاً لنا، ولجاز عليه التعب كما يجوز علينا، ‏ولو كان مِثلنا لَما استطاع أن يخلقنا، فلذلك قال العلماء "بيديّ" معناه ‏أن نبيّ الله آدم خُلق بقدرة الله على وجه الإكرام والتعظيم، أما إبليس ‏فما خلقه الله تعالى بعنايته لأن الله عالم في الأزل بأن إبليس خبيث، ‏فهذا هو الفرق هنا بين سيدنا آدم نبي الله وإبليس عدو الله‎. 

وقال بعض العلماء بالتأويل الإجمالي فقالوا يصح أن يقال لله يد بلا ‏كيف بمعنى الصفة لا على معنى الجارحة، قالوا يد لا كأيدينا على ‏معنى الصفة لا على معنى الجسمية، لأن الله مستحيل عليه الحجم ‏والجسمية والكيفية والهيئة والصورة والجهة والمكان سبحانه ليس ‏كمثله شىء.‏

وأما الوقوف بين يدي الله للحساب يوم القيامة فمعناه حساب العباد عند ‏عرض أعمالهم عليهم، وليس المعنى أن الله تعالى يكون في موقف ‏القيامة ويكون الناس حوله لأن الله تعالى ليس جسماً يَتحيّز في مكان‎.‌‏ ‏الله منزه عن صفات المخلوقين، مهما تصورتَ ببالك فالله بخلاف ‏ذلك.‏

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (8)

قوله تعالى ( فنفخنا فيه من روحنا ) 
معناه أن الله تعالى أمر جبريل عليه السلام أن ينفخ في مريم الروح التي هي مخلوقة لله وملك له ومشرفة عنده ولا يجوز أن يقال إن لله روحا وعيسى جزء منها فالله منزه عن ذلك.

مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُّوحِنَا﴾.
      اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ خَالِقُ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ فَلَيْسَ رُوحًا وَلا جَسَدًا لَكِنَّهُ أَضَافَ رُوحَ عِيسَى إِلَى نَفْسِهِ عَلَى مَعْنَى الْمِلْكِ وَالتَّشْرِيفِ أَىِ التَّعْظِيمِ لِلدِّلالَةِ عَلَى شَرَفِ رُوحِ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ لا عَلَى مَعْنَى الْجُزْئِيَّةِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُّوحِنَا﴾ أَمَرْنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنْ يَنْفُخَ فِى مَرْيَمَ الرُّوحَ الَّتِى هِىَ مِلْكٌ لَنَا وَمُشَرَّفَةٌ عِنْدَنَا لِأَنَّ الأَرْوَاحَ قِسْمَانِ أَرْوَاحٌ مُشَرَّفَةٌ لَهَا مَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ اللَّهِ كَأَرْوَاحِ الأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ وَالْمَلائِكَةِ وَأَرْوَاحٌ خَبِيثَةٌ لا يُحِبُّهَا اللَّهُ وَهِىَ أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ. أَمَّا الَّذِى يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ رُوحٌ وَأَنَّهُ اقْتَطَعَ مِنْ ذَاتِهِ الَّذِى هُوَ رُوحٌ قِطْعَةً فَنَفَخَهَا فِى عِيسَى بِوَاسِطَةِ النَّفَسِ كَمَا يَنْفُخُ الإِنْسَانُ فَقَدْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ


꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (9)
قوله تعالى ( أن طهّرا بيتي للطائفين ) 
معناه البيت الذي هو مشرف عند الله وليس معناه أن الله تعالى يسكن الكعبة لأن الله تعالى منزه عن التحيز في المكان فإضافة البيت لله تعالى إضافة تشريف.
قال الله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي} [سورة البقرة]
قول الله تعالى في الكعبة {بَيْتِي} إضافة ملك للتشريف لا إضافة صفة أو ملابسة لاستحالة الملامسة أو المماسة بين الله والكعبة. قال البغوي في تفسيره :{أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي} يعني: الكعبة أضافه إليه تخصيصًا وتفضيلا» اهـ. قال الله تعالى عن الكعبة لإبراهيم وإسماعيل {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي} ليفهمنا أن للكعبة عنده مقاما عاليا وأنها مشرفة عنده .

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁

ءاية ومعنى (10)
قوله تعالى ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) 
معناه جاء أمر ربك أي أثر من ءاثار ربك كما ثبت عن الإمام أحمد أنه قال جاءت قدرته، وليس معناه مجىء الحركة والانتقال لأن الله تعالى منزه عن الحركة والسكون لأنهما من خلق الله تعالى وهما من صفات المخلوقين.
تفسير قول الله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾

كتاب "تفسير القرطبي"، المعروف كذلك باسم "الجامع لأحكام القرءان" طبعة دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية سنة ١٤٢٤هـ وفي المجلد العاشر، في الجزء العشرين، في الصحيفة ۳٧،

يقول القرطبي في تفسير قول الله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ "قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ أي أَمْرُهُ وَقَضاؤُهُ". 

ثم يقول: وَقيلَ: جَاءَهُمُ الرَّبُّ بِالآياتِ الْعَظيمَةِ. 

ثم يقول: "وَاللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا يُوصَفُ بِالتَّحَوُّلِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَأَنَّى لَهُ التَّحَوُّلُ وَالِانْتِقَالُ، وَلَا مَكَانَ لَهُ وَلَا أَوَانَ، وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ وَقْتٌ وَلَا زَمَانٌ ". اهـ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (11)
قوله تعالى ( أقرب إليه من حبل الوريد )
معناه أن الله تعالى أعلم بالعبد من نفسه، وليس معناه أن الله قريب منا حسا فالله منزه عن المكان، والوريد عِرقان في الإنسان من جانبي الرقبة ينزلان من الرأس ويتصلان بعِرق القلب.
قال اللهُ تعالى: "وَنَحْنُ أَقرَبُ إلَيهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيْد". أي أنَّ اللهَ أعلم بالعبد من نفسه، هو سبحانه أعلم بنا من أنفسنا، إذْ هو خالقنا وخالق أعمالنا وحركاتنا. أما الوريد فعرقان في الإنسان من جانبي الرّقبة. وليس المعنى أنَّ اللهَ داخلٌ فينا أو حالٌّ فينا نعوذ بالله من اعتقاد أهل الكفر والحلول.

قال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر: (وليس قرب الله تعالى من طريق المسافة "لأن المسافة للمخلوق" وأما الخالق فموجود بلا كيف ولا مكان ولا جهة، لا يكون بينه وبين خلقه مسافة).

قال الحافظ محمّد مرتضى الزبيدي في كتابه إتحاف السّادة المتّقين في شرح أسرار إحياء علوم الدين 2/25: "وهذا معنى قوله تعالى: "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" أيْ أعلم منه بنفسه.

وقال الطبري "فلا شىء أقرب إلى شىء منه، 
كما قال ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ (16) [سورة ق]" انتهى. [ :جامع البيان (مجلد 13/ جزء 27/ ص 215]

ليس المراد به القرب الجسماني والعياذ بالله من الكفر لأن الله ليس جسمًا والجسم من صفات المخلوقات، فاللهُ تبارك وتعالى يستحيل عليه القرب المسافي .


꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (12)
قوله تعالى ( فأينما تولوا فثَمّ وجه الله )
معناه أينما وجهتم وجوهكم في صلاة النفل في السفر فتلك الوجهة التي توجهتم لها هي قبلة لكم، ولا يراد بالوجه العضو الجارح لأن الله منزه عن ذلك.
قال الله تعالى: *{وَللهِ المَشْرِقُ والمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ}* [سورة البقرة115] فما معناها؟ 
 فقول الله تعالى *{فأيْنَمَا تُوَلُّوا}* أي أيَّ جهة تستقبلوا وتتوجهوا في السفر، كصلاة النفل في السفر كالوتر وأنتم على ظهور الدواب أو مشاة *{فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ}* أي في الجهة التي تتوجهون إليها وجه الله أي قِبلة الله. 

القِبلة في السفر للمسافر الذي يريد السُّنة هي الوجهة التي هو سائر إليها، إن كنت مغرّباً فقبلتك المغرب، وإن كنت سائراً إلى الجنوب فقبلتك الجنوب، وإن كنت سائراً إلى الشمال فقبلتك الشمال، في نفل السفر إذا الإنسان كان على دابّة أو ماشياً خارج البلد أراد أن يصلّي الوتر أو الضحى أو سنّة الظهر أو سنّة العصر أو غير ذلك من الصلوات النّافلة غير الفرض فقبلته الجهة التي هو قاصدها ليس عليه أن يستقبل الكعبة الشريفة بل يستقبل في تكبيرة الاحرام تخفيفاً من الله تبارك وتعالى أما الفرض فلا يصلّى إلا باستقبال الكعبة الشريفة، وجه الله معناه قبلة الله في هذه الآية. 

الوجه في لغة العرب له أكثر من معنى، ليس معناه هذا الجزء الذي نعلمه من أنفسنا فقط، لغة العرب واسعة.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂
ءاية ومعنى (13)

قوله تعالى ( الله نور السموات والأرض ) 
معناه أن الله تعالى هادي أهل السموات ومن شاء من أهل الأرض لنور الإيمان كما قال ابن عباس ولا يجوز تفسير النور بالضوء لأن الله تعالى ليس نورا بمعنى الضوء فالله هو خالق الضوء.
*مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ النُّورِ ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾.*
      
اعْلَمْ أَنَّ النُّورَ يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ بِمَعْنَى الْهَادِى فَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَادِى أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لِنُورِ الإِيمَانِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِىُّ فِى الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى الإِيمَانَ لِأَهْلِ السَّمَوَاتِ وَهُمُ الْمَلائِكَةُ وَلِمَنْ شَاءَ لَهُ الإِيمَانَ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ وَقَالَ قَتَادَةُ ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ أَىْ مُنِيرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ذَكَرَهُ ابْنُ السَّمْعَانِىِّ فِى تَفْسِيرِهِ. وَحُكْمُ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ نُورٌ بِمَعْنَى الضَّوْءِ التَّكْفِيرُ قَطْعًا لِأَنَّ الضَّوْءَ مَخْلُوقٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الأَنْعَامِ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ أَمَّا إِذَا قَالَ قَائِلٌ اللَّهُ نُورٌ بِمَعْنَى الْهَادِى فَلا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى نَفْسَهُ بِهَذَا الِاسْمِ قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ النُّورِ ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ وَوَرَدَ هَذَا الِاسْمُ فِى تَعْدَادِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى عِنْدَ الْبَيْهَقِىِّ وَغَيْرِهِ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى( 14)
قوله تعالى ( أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) 
معناه أن الله تعالى يوجد الأشياء بدون تعب ومشقة وليس معناه أن الله كلما أراد أن يخلق شيئا يقول هذان الحرفان ( كن ) لأن كلام الله ليس حرفا وكلامه لا يشبه كلامنا .. 
تفسير قوله تعالى "إنّما أمْرُه إذا أراد شيئا أن يقول له كُنْ فيكون":
اعلم أخي المسلم أن معنى هذه الآية أن الله يُوجِد الأشياء بدون تعب ولا مشقّة ولا مُمانعة أحد له أي أنه يخلق الأشياء التي شاء أن يخلقها بسرعة بلا تأخر عن الوقت الذي شاء وجودها فيه فمعنى "كُنْ فَيَكُونُ" يدل على سرعة الإيجاد وليس المعنى أن الله ينطق بلفظ كُن المُركّب من الكاف والنون بعدد مخلوقاته وإلا لكان معنى ذلك أن الله كل الوقت يقول كُن كُن كُن وهذا مُحال لأن الله عز وجل يخلق في اللحظة الواحدة ما لا يدخل تحت الحصر والله تعالى مُنَزَّه عن أن يتكلّم بكلام هو حرف وصوت كما نحن نتكلّم وإنما نزل هذا في القرءان بهذه العبارة لتقريب المعنى إلى عباده وذلك أن كلمة كُنْ أسهل شىء بالنسبة للعباد فيكون المعنى أن الله هيِّن عليه إيجاد ما أراد وجوده كما يهون على العباد النطق بهذه الكلمة. وإنما امتنع تفسير الآية على الظاهر الذي هو نسبة إثبات النطق بالحرف إلى الله لأنه لو كان الله ينطق بهذه الكلمة لَلَزِمَ تشبيه الله بخلقه ولو كان الله يتكلّم بهذه الكلمة بالحرف والصوت لكان مثل عباده فلو كان يجوز هذا على الله لكان يجوز عليه كل صفات البشر وذلك يُنافي التوحيد لأن التوحيد عَدَم تشبيه الله بشىء من خلقه ثم "كُنْ" لغة عربية والله تعالى كان قبل اللغات كلها وقبل أصناف المخلوقات فعلى قول الوهابية أدعياء السلفيّة يلزم أن يكون الله ساكتا قَبْلُ ثم صار مُتكلِّما وهذا مُحال لأن هذا شأن البشر وغيرهم.
والله اعلم واحكم

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (16)

قوله تعالى ( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين )
معناه أن الله تعالى أقوى في إيصال الضرر إلى الماكرين من كل ماكر جزاء لهم على مكرهم ولا يجوز وصف الله تعالى بالمكر الذي هو الاحتيال لأنه مستحيل على الله.
قال تعالى ﴿ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين﴾ أي أن الله أقوى في إيصال الضرر إليهم من حيث لا يشعرون
قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط: قوله تعالى: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللهُ} الضمير في مكروا عائد على من عاد عليه الضمير في: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسىَ مِنْهُمُ الكُفْرَ} وهم بنو إسرائيل، ومكرهم هو احتيالهم في قتل عيسى بأن وكلوا به من يقتله غيلة، ومَكْرُ الله مجازتهم على مكرهم، سمى ذلك مكرًا لأن المجازاة لهم ناشئة عن المكر كقوله: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [سورة الشورى]. وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْه} [سورة البقرة].
وكثيرًا ما تسمى العقوبة باسم الذنب وإن لم تكن في معناه.
قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} معناه المجازين على المكر بما يستحق فاعله.

هذا يسمى (اسلوب المشاكلة) وهو اسلوب معروف عند العرب, وهو ذكر معنى بلفظ غيره لوقوعه في صحبة ذلك الغير وقد جاء من قبيل الجزاء من جنس العمل. كقوله تعالى: (مكروا ومكر الله) وقوله: (نسوا الله فنسيهم) وقوله: (يخادعون الله وهو خادعهم) 
والرسول صلى الله عليه وسلم قال: من سمّع سمَّع الله به, ومن يرائي يرائي الله به


꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (16)

قوله تعالى ( ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا )
معناه من لم يَجمَع الإيمان بالنبي إلى الإيمان بالله تعالى إلى أن مات ولم يحصل ذلك فلا يكون مؤمنا وقد هيأ الله له نار جهنم جزاء في الآخرة.
الذي لا يؤمنُ بمحمّدٍ فهوَ كافِر، الله تعالى قال:" ومَن لم يؤمِن بالله ورسولِه فإنّا اعتَدنا للكافِرين سعيرًا" ورسولِه أي محمّد أي أن مَن لم يؤمن بالله كما يجب وبمحمّدٍ أنّهُ رَسولُ الله صادقٌ فيما جاءَ به ويَرضَى بذلكَ فهوَ كافرٌ مِن أهلِ النار المؤبَّدين المخلّدين، إذا إنسانٌ وحَّدَ الله وقالَ الله موجودٌ واحِدٌ أحَدٌ لا شريكَ لهُ ولا شبِيهَ، أزليٌّ أبديّ، لكن ما صَدّق بمحمّد هذا كافرٌ، ومَن شَكّ في كفره فهوَ كافِر.
والذي وقَع في الكُفر لا يَنفَعُه قولُه أستَغفرُ الله، أستغفرُ الله يُفِيد المُسلِم الذي وقَع في معصيةٍ كبيرةٍ أو صغيرة، الذي يُكذّب نبيًّا مِن أنبياءِ الله فهو كافرٌ مؤبَّدٌ في النار.
قوله تعالى :"فإنا أعتَدنا للكافرينَ سعِيرًا" معناهُ نحن هَيّأنا لهم النارَ الشّديدةَ أي جهنّمَ لكُفرهِم، لكفرهِم هيّأنا لهمُ النارَ الشّديدة.
اللهُ تعالى أنزَل القرآنَ بلِسانٍ عربيٍّ مُبِين وجعَلَهُ أفصَح كلام، فقولُه تَعالى " فإنّا أَعتَدنا للكافرين سعيراً" المعنى أنّ اللهَ هيّأ لهم لكُفرِهم سعيرًا أي نارًا شَديدةً أي جهنّم، ما قالَ فإنا اعتَدنا لهم سعيرًا بل قالَ فإنّا أعتدنا للكافرينَ سعيرًا أي هيّأنا لأولئكَ الذينَ لا يؤمنونَ بالله ورسولِه نارًا شَديدةً لكُفرِهم، فأفَادنا بهذا التّعبِير أنّ أولئك كُفّار وأفادَنا أيضًا أنهم مِن أهلِ النار الخالدِينَ فيها، أفادَنا مَعنَيَين.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (17)

قوله تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام )
معناه الدين الوحيد المقبول في الآخرة هو الإسلام وهو دين جميع الأنبياء من ءادم لمحمد عليهم الصلاة والسلام فمن عدل عنه فقد خاب وخسر.
《أدلة قرآنية على أن الدين السماوي الوحيد هو الإسلام وأنه دين جميع الأنبياء》
يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

- سورة آلِ عمران: (آية 19) {إنّ الدينَ عندَ الله الإسلام وما اختلفَ الذين أوتوا الكتابَ إلا من بعدِ ما جآءهم العلمُ بغيًا بينَهم}
- سورة آل عمران (آية 85)/ (وتدلّ أنّ الدينَ الحق هو الإسلام) {ومَنْ يبتغِ غيرَ الإسلامِ دينًا فلنْ يُقبَلَ منه وهو في الآخرةِ من الخاسرين}
- سورة المائدة: (آية 3) {اليومَ أكملتُ لكم دينَكم وأتْمَمْتُ عليكم نعمتي ورَضيتُ لكم الإسلامَ دينًا}
- سورة الصف: (آية 7) {ومَنْ أظلمُ مِمّن افترى على اللهِ الكذبَ وهو يُدعَى إلى الإسلام}
- سورة البقرة: (128) {ربَّنا واجعلنا مُسلِمَيْنِ لكَ ومِنْ ذرّيَتِنآ أمةً مُسْلِمةً لك} (هذا عن سيّدنا إبراهيم وسيّدنا إسماعيل عليهما السلام).
- في سورة البقرة: (آية 132) {ووصّى بهآ إبراهيمُ بَنِيهِ ويعقوبُ يآ بَنِيَّ إنّ اللهَ اصطفى لكمُ الدينَ فلا تَموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون}
- في سورة البقرة: (133) {أمْ كنتم شهدآءَ إذْ حضرَ يعقوبَ الموتُ إذْ قال لبَنِيهِ ما تعبدونَ مِنْ بعدي قالوا نعبُدُ إلهكَ وإلهَ ءابآئِكَ إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحقَ إلهًا واحدًا ونحنُ له مسلمون}
- وفي سورة البقرة: (آية 136) {قولوا آمنّا باللهِ ومآ أُنزِلَ إلينا ومآ أُنزِلَ إلى إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحقَ ويعقوبَ والأسباط ومآ أوتيَ موسى وعيسى ومآ أوتيَ النّبيونَ مِنْ ربِّهم لا نُفرِّقُ بينَ أحدٍ منهم ونحنُ له مسلمون}
- وفي سورةِ آلِ عمران: (آية 52) {فلمّآ أحسَّ عيسى منهم الكفرَ قال مَنْ أنصاري إلى الله قال الحواريّونَ نحنُ أنصارُ الله آمنّا بالله واشهدْ بأنّا مسلمون}
- وفي سورة آل عمران: (آية 64) {قلْ يآ أهلَ الكتابِ تعالَوا إلى كلمةٍ سوآءٍ بينَنا وبينَكم ألّا نعبُدَ إلا اللهَ ولا نُشرِكَ به شيئًا ولا يتّخِذَ بعضُنا بعضًا أربابًا مِنْ دونِ الله فإنْ توَلَّوْا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون}
- في سورة آلِ عمران: (67) {ما كان إبراهيمُ يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولكنْ كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين}
- سورة آل عمران: (آية 80) {ولا يأمرَكمْ أنْ تتّخِذوا الملآئكةَ والنّبيينَ أربابًا أيأمرُكم بالكفرِ بعدَ إذْ أنتمْ مسلمون}
- سورة آلِ عمران: (102) {يآ أيها الذين آمنوا اتّقوا اللهَ حقَّ تُقاتِه ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون}
- سورة المائدة: (آية 111) {وإذْ أوْحَيْتُ إلى الحواريينَ أنْ آمِنوا بي وبرسولي قالوا آمنّا واشهدْ بأنّنا مسلمون}
- سورة الأنعام: (آية 163) {لا شريكَ له وبذلكَ أُمِرْتُ وأنا أوّلُ المسلمين} يعني إبراهيم كان أول مسلمي زمانِه، ونبيُّنا كذلك كان أول مسلمي زمانِه بين البشر على وجه الأرض
- سورة الأعراف: (آية 126) {وما تَنْقِمُ منّآ إلآ أنْ ءامنّا بآياتِ ربِّنا لمّا جآءَتْنا ربَّنآ أفرِغْ علينا صبرًا وتوَفَّنا مسلمين}
 - سورة يونس: (آية 84) {وقال موسى يا قومِ إنْ كنتم ءامنتُم بالله فعليه توكّلوا إنْ كنتم مسلمين}
- سورة يونس: (آية 90) {حتى إذآ أدركَه الغرقُ قال ءامنتُ أنه لآ إله إلا الذي ءامنَتْ به بَنو إسرآئيلَ وأنا من المسلمين}
- سورة هود: (آية 14) {فإلّم يستجيبوا لكم فاعلموا أنّمآ أُنزِلَ بعلمِ الله وأنْ لآ إله إلا هو فهل أنتم مسلمون}
- سورة يوسف: (101) {ربِّ قدْ ءاتَيْتَني من المُلكِ وعلّمتَني مِنْ تأويلِ الأحاديث فاطرَ السمواتِ والأرضِ أنتَ ولِيِّ في الدنيا والآخرة توَفَّني مسلمًا وألْحِقْني بالصالحين}
- سورة الحِجر: (آية 2) {رُبَما يوَدُّ الذين كفروا لوْ كانوا مسلمين}
- سورة النحل: (89) {ونزّلْنا عليك الكتابَ تِبْيانًا لكلِّ شىءٍ وهدىً ورحمةً وبشرَى للمسلمين}
- سورة النحل: (102) {قلْ نزّلَه روحُ القُدُسِ مِنْ ربِّكَ بالحقِّ ليُثَبِّتَ الذين ءامنوا وهدًى وبشرَى للمسلمين}
- سورة الأنبياء: (آية 108) {قل إنّما يُوحى إليَّ أنّمآ إلهُكم إلهٌ واحد فهل أنتم مسلمون}
- سورة الحج: (آية 78) {وجاهِدوا في اللهِ حقَّ جهادِه هو اجْتَباكم وما جعلَ عليكم في الدينِ مِنْ حرَج ملّةَ أبيكم إبراهيم هو سمّاكمُ المسلمينَ مِنْ قبلُ وفي هذا ليَكونَ الرسولُ شهيدًا عليكم وتكونوا شهدآءَ على الناس}
- سورة النمل: (آية 31) {ألّا تعلُوا عليّ وأْتوني مسلمين}
- سورة النمل: (81) {ومآ أنتَ بهادي العُميِ عنْ ضلالتِهم إنْ تُسمِعُ إلا مَنْ يؤمنُ بآياتِنا فهم مسلمون}
- سورة النمل: (آية 91) {إنّمآ أُمِرْتُ أنْ أعبدَ ربَّ هذه البلْدة الذي حرَّمَها وله كلُّ شىءٍ وأُمِرْتُ أنْ أكونَ من المسلمين}
- سورة القصص: ( آية 53) {وإذا يُتلى عليهم قالوا آمنّا به إنّه الحقُّ مِنْ ربِّنآ إنّا كنا مِنْ قبلِه مسلمين}
- سورة العنكبوت: (آية 46) {وقولوا ءامنّا بالذي أُنزِلَ إلينا وأُنزِلَ إليكم وإلهُنا وإلهُكم واحدٌ ونحنُ له مسلمون}
- سورة فصّلت: (آية 33) {ومَنْ أحسنُ قولًا ممّنْ دعآ إلى الله وعملَ صالحًا وقال إنّني من المسلمين} 
- سورة الزخرف: (آية 69) {الذين ءامنوا بآياتِنا وكانوا مسلمين}
- سورة الأحقاف: (آية 15) {وأنْ أعملَ صالحًا ترضاهُ وأصلِحْ لي في ذريّتي إنّي تُبتُ إليك وإنّي من المسلمين}
- سورة الذاريات: (آية 36) {فمَا وجدْنا فيها غيرَ بيتٍ من المسلمين}
- سورة القلم: (35) {أفنَجعلُ المسلمينَ كالمجرمين}
*وقد جاء كلُ الأنبياء بدين واحدٍ هو الإسلام ""*
*الغلط الشنيع في قول بعض الناس الأديان السماوية الثلاث فإنه لا دينَ صحيح إلا الإسلام وهو الدين السماوي الوحيد*
   *لا دينَ صحيحٌ إلا الإسلامُ*

*الدينُ الحقُّ عندَ الله الإسلامُ قالَ تعالى:*
*وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)﴾*
  [سورة ءال عمران]. وقالَ تَعالى أيضًا:
*إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ (19)﴾ [سورة ءال عمران].* 
*فكُلُّ الأنبياءِ مسلمونَ فمن كانَ متَّبعًا لموسى صلى الله عليه وسلم فهو مسلمٌ موسويٌّ،*
*ومن كانَ متَّبعًا لعيسى صلى الله عليه وسلم فهوَ مسلمٌ عيسويٌّ،*
*ويَصحُّ أن يُقالَ لمن اتَّبعَ محمدًا صلى الله عليه وسلم مسلمٌ محمديٌّ.*
*والإسلامُ هو الدّينُ الذي رضيَهُ الله لعبادهِ وأمرَنا باتّباعِهِ.*
*ولا يُسمَّى الله مسلمًا كما تلفظَ به بعضُ الجهالِ*
*فقديمًا كان البشرُ جميعُهم على دينٍ واحدٍ هو الإسلامُ. وإنّما حدثَ الشركُ*
*والكفرُ بالله تعالى بعد النبي إدريس.*
*فكان نوحٌ أوّلَ نبيٍ أُرسِلَ إلى الكفارِ يدعو إلى عبادةِ الله الواحدِ الذي لا شريكَ له.*
*وقد حذَّرَ الله جميعَ الرُّسُلِ مِن بعدهِ منَ الشركِ.( اي أممهم )*

*فقام سيدُنا محمد صلى الله عليه وسلم بتجديدِ الدعوةِ إلى الإسلام بعد أنِ انقطعَ فيما بينَ الناسِ في الأرضِ مؤيَّدًا بالمعجزاتِ الدَّالَّةِ على نبوتِهِ.*
*فَدَخَلَ البعضُ في الإسلامِ، وجَحَدَ بنبوتِهِ أهلُ الضلالِ الذين منهم مَن كان مشركًا قبلا كفرقةٍ من اليهودِ عَبَدَت عُزيرًا فازدادُوا كفرًا إلى كفرهم.*
*ءامنَ به بعضُ أهلِ الكتابِ اليهودِ والنصارى كعبدِ الله بن سلامٍ عالم اليهودِ بالمدينةِ، وأصحَمةَ النّجاشيّ ملكِ الحبشةِ وكان نصرانيًّا ثم اتَّبعَ الرسولَ اتباعًا كاملا وماتَ في حياةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وصلَّى عليه الرسولُ صلاةَ الغائبِ يومَ ماتَ. أوحى الله إليه بموتِهِ.* 
*ثم كان يُرى على قبرهِ في الليالي نورٌ وهذا دليلٌ أنه صارَ مسلمًا كاملا وليًّا مِن أولياءِ الله رضيَ الله عنه.*
*والمبدأُ الإسلاميُّ الجامعُ لجميعِ أهلِ الإسلامِ عبادةُ الله وحدَه*

ءاية ومعنى (18)

قوله تعالى ( إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا )
معناه أن من مات كافرا مأواه في الآخرة جهنم خالدا فيها أبدا ولا ينقطع عنه العذاب في الآخرة إلى ما لا نهاية له وما هو بخارج من النار لأن النار باقية لا تفنى.
لا يجوز الترحم على من مات على الكفر 
الدليل من القرءان والحديث على أن الله لا يغفر لمن مات كافرا 
قال الله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} 
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ الله ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} 
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا {168} إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} 
وروى ابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ليغفر لعبده ما لم يقع الحجاب قالوا: وما وقوع الحجاب يا رسول الله؟ قال: أن تموت النفس وهي مشركة". 
فلا يجوز الدعاء بالمغفرة أو الترحمُ على كافر مات ولا يجوز أن يقال عنه شهيد 
قال تعالى: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ءامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} 
فالدين ليس مجموعة أراء حتى آخذ ما يعجبني ويوافق هواي الاعتبار يكون بموافقة الشرع. 
والوزن يكون لمن معه الدليل. 
فدر مع الدليل أينما دار. 
فلما ترى أناسا لا يقيمون لدليل الشرع اعتبارا ولا وزنا. 
فاعلم حينها أن غرضه ليس كما يدعي.
الكافر ما دام حياً فإنه يتقلبُ في رحمة الله 
 الهواء العليل الذي يتنفسه في الدنيا والماء العذب الذي يشربه في الدنيا والصحة الجيدة التي يتنعم بها في الدنيا والمال الذي يرزقه الله إياه ويصرِفه لمنفعته والطعام الذي يتغذى به وغيرُ هذا الذي ذكرناه كله رحمة من الله 
لأن الله وَسِعت رحمته في الدنيا الكافر والمؤمن. وَسِعَت رحمة الله في الدنيا الناس جميعا والجنّ جميعا مؤمنهم وكافرهم. ولكن في الآخرة لا ينالها إلا المؤمنون الذين ماتوا على الإسلام. قال الله تعالى : ورحمتي وَسِعَتْ كلّ شيء فسأكتبها للذين يتقون. سورة الأعراف(156)
معناه : يتقون الكفر. فرحمة الله يوم القيامة لا تكون إلا لمن مات على الإسلام. فالكافر أي غير المسلم محروم منها يوم القيامة 
قال الله تعالى: ونادى أصحابُ النارِ أصحاب الجنةِ أنْ أفيضوا علينا من الماءِ أو ممّا رَزقكم الله، قالوا إنّ الله حَرّمَهُما على الكافرين. سورة الأعراف (50)
قال الله تعالى: إنّ الله لعنَ الكافرين وأعدّ لهم سعيراً خالدين فيها أبدا لا يجدون وليّا ولا نصيرا .سورة الأحزاب (64-65)
وقال الله تعالى: ومَنْ لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدْنا للكافرين سعيرا .سورة الفتح(13)
قال الله تعالى: وأمّا الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أنْ يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيلَ لهم ذوقوا عذابَ النار الذي كنتم به تكذبون. سورة السجدة(20)
معناه لهم عذاب دائم في نكد. لذلك الكفار يوم القيامة بعدما يدخلون جهنم لا تنتهي محاولاتهم للفرار من جهنم، ولكن من دون جدوى. وذلك لأن ملائكة العذاب ترُدّهم. وهذا يدلّ على أنهم في عذاب مستمرّ لا ينتهي 
فالحاصل أنّ الكافر ما دام حَيّا في الدنيا فإنه يتقلب في رحمة الله. 
 وأما إذا مات على الكفر فلا يجوز لمنْ عَلِمَ بحاله أنْ يطلب من الله له الرحمة. لأنه يكذب القرءان. ويكذب دين محمّد. ويكذب ما عُلِم من الدين بالضرورة وظهر بين المسلمين وانتشر انشارا لا يُردّ ولا ينفع الجاهل جهله فيما عُلِم من الدين بالضرورة 
دين الله ليس ملعبة، دين الله ليس بالرأي.. 
الإيمان هو الأساس، بدون الإيمان لا ينفع الإنسان شىءٌ.
الرسول أول ما دعا الناس دعاهم إلى الإيمان.
لما عائشة رضي الله عنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عن قريب لها يسمى عبد الله بن جدعان، هذا كان رزقه الله رزقًا كثيرًا، كان في الجاهلية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كان شديد الكرم يوزع الطعام ويضع الطعام في طريق المسافرين ويصل رحمه ويكرم الضيف، فقالت عائشة رضي الله عنها للرسول صلى الله عليه وسلم: إن ابن عمي عبد الله بن جدعان كان يقري الضيف ويصل الرحم ويفعل ويفعل (أي من الإحسانات)، قالت: يا رسول الله، هل ينفعه ذلك؟
قال: لا لأنه لم يقل يومًا رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين.
معناه لم يكن مسلمًا لم يكن يؤمن بيوم الدين، هو من أهل الفترة قبل البعثة، لكن لا يكتب له حسنات مع أنه قبل بعثة الرسول.. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: 
*"وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له منها نصيب"* 
الله لا يرحمه في الآخرة، لا يُدخله الجنة، فلا يجوز الترحم على كافر مات. 
الرسول صلى الله عليه وسلم كان معه سيدنا عمر فقال لعمر: 
*"يا ابن الخطاب نادِ أنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة"* 
ولا يكون شهيدا إلا من شهد بأن لا إله إلا الله محمد رسول الله. ولا يجوز الدعاء بالرحمة والمغفرة والجنة لمن مات على غير دين الإسلام، ولا يجوز الصلاة عليه أيضا. 
هذا من ثوابت العقيدة وأصول الدين. 
قال تعالى في سورة آل عمران آية ٨٥:
"وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ". صدق الله العظيم 
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: "والذي نفْسُ محمدٍ بيدِهِ ، لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمةِ ، لا يهودِيٌّ ، و لا نصرانِيٌّ ، ثُمَّ يموتُ ولم يؤمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به ، إلَّا كان من أصحابِ النارِ". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
لكن للأسف الميزان اختلّ في هذا الزّمان العجيب الذي نحن فيه، ولو كنتَ وحدك اتبع الحقّ والدّليل ولا تكن من جملة القطيع الذي يُساق إلى الذبح وهو لا يدري. 
والأمر كما أسلفت يحتاج إلى إنصاف وإلى معرفة ودراية بما يُتنازع فيه، فليس للجاهل أن يكون حَكَما في مسائل شرعيّة بل عليه أن يتعلّم ويتّبع الدّليل الواضح القاطع الذي لا لُبس فيه، ولا يحاجج عن غيره بهوى نفس قد يؤدّي به إلى الغوص في الفساد أكثر فأكثر. 
لو نظرت بعد كلمة... أكثرهم ...فى القرآن تجد..
لا يؤمنون
لا يعقلون
لا يفقهون
لا يعلمون
لا يعملون
فلا يهمك كثرة الهالكين وقلة سالكين طريق الحق..
الجنة لا يدخلها إلا مسلم موحد و لا يقال عن غير المسلم حقا شهيد ولا يجوز الترحم على غيره ومن يكذب يكون عاند القران والدين وكذب الله والرسول وموعده جهنم إن مات على ذلك.
قول الحق لا يقدم أجلا و لا يمنع رزقا..
الحمد لله الذي لم يجعلنا من أهل الدنيا السفهاء اللهم حسن الختام. 
وقد نصحناك حامدينَ اللهَ أنْ وفَّقنا إلى ذلك فهنيئًا للرَّاكبين في سفينة النَّجاة واللهُ المُستعان هو نِعمَ المولى ونِعم الوكيل.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂
ءاية ومعنى (19)

قوله تعالى ( اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا )
معناه تركناكم من رحمتنا كما أنتم تركتم طاعة الله في الدنيا بترك الإيمان، وليس معناه أن الله يوصف بالنسيان المعروف لأن هذا فيه تشبيه الله بخلقه.
الله تعالى منزَّهٌ عن النسيان المعروف لأنه لا يشبه شيئًا من مخلوقاته، أما ما ورد من إضافة المكر والنسيان لله تعالى في القرءان الكريم، فهذا من باب المقابلة وهو جائزٌ كقوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} وقوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} أي تركهم من رحمته، وأما قوله تعالى: {وَقِيلَ اليَومَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}، فقد ذُكرَ على وجهِ المقابلة، ومعناه تركناكم من رحمتنا كما أنتم تركتُم طاعةَ الله في الدنيا بترك الإيمان به. وليس معناه أنه يوصف بالنسيان المعروف لأن هذا تشبيه لله بخلقه وهو تكذيب للقرءان، أما مَن استحلَّ قولَ «يا ماكرُ ارزقني» ونحو ذلك فهذا يكفرُ، وكذا يكفُرُ من يُسمّي الله المضلَّ لأنه جَعَلَهُ اسمًا لله كالرحمـن فيكونُ معنى كلامِهِ يجوزُ أن نقولَ يا مضلُّ أعِنّي أو أن يُسمي الشخص ولدَه «عبد المضل».
أما قولُ «يا الله يا جبَّارُ ارزقني» أو «يا الله يا متكبّرُ» فلا يدلُّ على النقص في حقّ الله، أما الذي يدلُّ على النقص فهو مثل أن يقال في حقّ الله «يا مخادعُ» أو «يا ناسي» أو «يا مستهزىء» أو «يا ماكرُ».
فلا يجوز تسمية الله بغير ما ورد في القرءان أو السنة الصحيحة أو الإجماع فقد قال الإمام أبو الحسن الأشعري: «لا يجوز تسمية الله إلا بما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة أو الإجماع» نقله عنه الإمام ابن فُورك في كتابه «مجرد مقالات أبي الحسن الأشعري»، وهذا هو المعتمد، وقال الإمام أبو منصور البغدادي في كتابه «تفسير الأسماء والصفات»: «لا مجال للقياس في أسماء الله وإنما يُراعى فيها الشرعُ والتوقيفُ» اهـ. أي بحسب ما ورد في الشرع.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (20)

قوله تعالى ( إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) 
معناه أن الله لا يحب ترك إظهار الحق فلا يتركه للاستحياء كما يفعل الخلق وليس معناه وصف الله بالاستحياء المعروف للخلق فهذا مستحيل على الله.
معنى الله حيي ستير
260_ قال شيخنا رحمه الله ونفعنا به وأمدنا بأمداده 
وَرَد في الحَديث:"إنّ اللهَ حَيِيٌّ ستير"رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي. الحيَاءُ إذَا أُضِيفَ إلى اللهِ عندَ الماتُريديّة صِفَةٌ أزَليّةٌ أمّا عندَ الأشَاعِرَة صِفَةٌ تَرجِعُ إلى إحْدَى الصّفَاتِ السَّبعَة. 
ولا يجوزُ أن يُؤخَذَ من قولِ الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً ... *} الآية [سورة البقرة] جوازُ تسميةِ الله بالمستحيى، ومعنى الآية أننا لا نترك استحياءً كما يتركُ البشرُ الشىءَ استحياءً، معناه أنَّ الله لا يُحِبُّ تركَ إظهارِ الحَقّ فلا يتركُهُ للاستحياءِ كما يَفعَلُ الخلقُ، فهذا مستحيلٌ على الله.
وكذلكَ لا يجوزُ أن يُستَخرَجَ اسمُ المستحي لله من الحديثِ الذي رواه الترمذي: «إنَّ الله حييٌّ كريمٌ يَستحي إذا رَفَعَ الرجلُ إليه يديهِ أن يَردّهما صِفرًا خائبتين» معناه لا يُخَيّبُ، إما أن يعطيَهُ الثَّوابَ أو يعطيَهُ ما طَلَبَ، ومعنى: «رَفَعَهُمَا إليه» أي إلى جِهَةِ مَهبِطِ الرّحمةِ وهي السماءُ.
(قالَ السّندِيُّ في حَاشِيَتِه على ابنِ مَاجَه حَيِيٌّ بِكَسْرِ الْيَاء الْأُولَى وَتَشْدِيد الثَّانِيَة فَعِيل مِنْ الْحَيَاء أَيْ لَا يَتْرُك الْعَطَاء كَصَاحِبِ الْحَيَاء يَمْنَعهُ مِنْ تَرْك الْعَطَاء (قال ابن الأثير في النّهايَة [ إنّ اللّهَ حَيِىٌّ سَتِيرٌ يحِبُّ الحَياءَ والسَّتْر ] سَتِيرٌ : فَعِيلٌ بمعنى فَاعِل : أي من شَأنه وإرادتَهِ حُبُّ السَّتر والصَّون)


꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂
ءاية ومعنى (21)

قوله تعالى ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
معناه يبقى ذات الله تعالى الذي ليس جسما ، فوجه الله هنا معناه ذاته الذي لا يشبه الذوات والله تعالى باق لا نهاية لوجوده.
 مَا مَعْنَى الْوَجْهِ إِذَا أُضِيفَ إِلَى اللَّهِ فِى الْقُرْءَانِ وَالْحَدِيثِ.
        اعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ فِى لُغَةِ الْعَرَبِ لَهُ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ فَهُوَ يَأْتِى بِمَعْنَى الْجُزْءِ الْمُرَكَّبِ عَلَى الْبَدَنِ وَيَأْتِى بِمَعْنَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا لِوَجْهِ اللَّهِ أَىْ عَمِلْتُ كَذَا وَكَذَا تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ وَامْتِثَالًا لِأَمْرِ اللَّهِ وَيَأْتِى بِمَعْنَى الذَّاتِ كَمَا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾. ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ أَىْ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ يَفْنَى وَفَنَاءُ الْبَشَرِ وَالْجِنِّ مَعْنَاهُ مُفَارَقَةُ أَرْوَاحِهِمْ لِأَجْسَادِهِمْ، وَ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ أَىْ ذَاتُ رَبِّكَ أَىْ يَبْقَى اللَّهُ، وَ﴿ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُجَلَّ فَلا يُجْحَدَ وَلا يُكْفَرَ بِهِ أَىْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مِنَّا أَنْ نُعَظِّمَهُ وَلا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُنْكِرَ وُجُودَهُ أَوْ أَنْ نَكْفُرَ بِهِ وَهُوَ الْمُكْرِمُ أَهْلَ وِلايَتِهِ بِالْفَوْزِ وَالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَيَأْتِى الْوَجْهُ بِمَعْنَى الْمُلْكِ كَمَا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ قَالَ الْبُخَارِىُّ أَىْ إِلَّا مُلْكَهُ وَمُلْكُ اللَّهِ أَىْ سُلْطَانُهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ الأَزَلِيَّةِ فَاللَّهُ تَعَالَى لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى هَذَا الْعَالَمِ وَسُلْطَانُهُ لا يَفْنَى وَقِيلَ إِلَّا وَجْهَهُ أَىِ الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ فَإِنَّهَا تَبْقَى. وَيَأْتِى الْوَجْهُ بِمَعْنَى الْقِبْلَةِ كَمَا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ أَىْ فَثَمَّ قِبْلَةُ اللَّهِ، جَاءَ هَذَا التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ تِلْمِيذِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ فَسَّرَ الْوَجْهَ بِالْقِبْلَةِ أَىْ لِصَلاةِ النَّفْلِ فِى السَّفَرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَىِ الدَّابَّةِ. وَيَأْتِى الْوَجْهُ بِمَعْنَى الطَّاعَةِ كَمَا فِى حَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ (أَىْ أَغْلَبُ بَدَنِهَا عَوْرَةٌ) فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ (أَىِ اهْتَمَّ بِهَا لِيَفْتِنَ بِهَا غَيْرَهَا) وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ (أَىْ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ) إِذَا كَانَتْ فِى قَعْرِ بَيْتِهَا. أَمَّا مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْوَجْهَ إِذَا أُضِيفَ إِلَى اللَّهِ فِى الْقُرْءَانِ أَوِ الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ الْجُزْءُ الَّذِى هُوَ مُركَّبٌ عَلَى الْبَدَنِ فَهُوَ لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ لِأَنَّ هَذِهِ هَيْئَةُ الإِنْسَانِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْبَهَائِمِ فَكَيْفَ يَكُونُ خَالِقُ الْعَالَمِ مِثْلَهُمْ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٢٢)
قوله تعالى حكاية عن الملائكة ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) فالملائكة قالوا هذا للاستعلام عن الحكمة وليس اعتراضا على الله، وهم علموا ذلك لأنهم اطّلعوا عليه في اللوح المحفوظ.
• المَلَائِكَةِ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ •
📖 الآية
قَالَ اللهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ المَلَائِكَةِ: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ [سورة البقرة].
💡المعنى
قَالَ ابنُ الجَوزِيِّ فِي تَفسِيرِهِ «زَادِ المَسِيرِ»: «المَلَائِكَةُ قَالُوهُ لِاستِعلَامِ وَجهِ الحِكمَةِ لَا عَلى وَجهِ الاعتِرَاضِ» اهـ.
فَمَن يَقُولُ إِنَّ المَلائِكَة اعتَرَضُوا عَلَى اللهِ تَعَالى يَكُونُ كَذَّبَ القُرءَانَ، لِأَنَّ اللهَ سُبحَانَهُ قَالَ فِي القُرءَانِ الكَرِيمِ: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [سورة التحريم] ، فَالآيةُ صَرِيحَةٌ فِي طَاعَتِهِم لِرَبِّهِم وَتَنفِيذِهِم لِأَوَامِرِهِ.
وَأَمَّا قَولُ المَلَائِكَةِ: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾، فَهُم عَلِمُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُم اطَّلَعُوا عَلَيهِ فِي اللَّوحِ المَحفُوظِ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٢٣)
قوله تعالى ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم )
معناه لن تستطيعوا أن تسووا بين الزوجات في المحبة القلبية وليس معناه أن الرجل لا يستطيع أن يعدل بين نساءه في النفقة والمبيت.
معنى قول الله تعالى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}: بإجماع المفسرين أي مَن كان متزوجًا أكثر من امرأة لا يستطيع أن يسوي بينهن في المحبة القلبية والاستمتاع بالجماع وما دونه، وليس معناه أن الرجل لا يستطيع أن يعدل في النفقة والمبيت بين نسائه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل بين نسائه في النفقة والمبيت وكذلك سائر الصالحين. كما قال الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في تفسيره «زاد المسير» (ج2/ص219) ما نصه: «قال أهل التفسير: لن تطيقوا أن تسوّوا بينهن في المحبة التي هي ميل الطباع لأن ذلك ليس من كسبكم (ولو حرصتم) على ذلك».اهـ ومثله قال القاضي أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي الحنفي في تفسيره (ج2/ص438 – 439)، والمفسر الفقيه ابن عطية الأندلسي في تفسيره «المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» (ج2/ص120). وقال أبو بكر ابن عربي في «شرح الترمذي» (5/80) ما نصه: «والمعنى فيه تعلق القلب ببعضهن أكثر منه إلى بعض، فعذرهم في ما يكنون».اهـ

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٢٤)
قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم ) سورة النساء/٣
معناها أنه كَمُلَ معظم الدين كما ذكر ابن حجر في الفتح، وليس معناها أنه لا يجوز للمجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يُحدِثوا ما يوافق الشرع كعمل المولد النبوي مثلا.
• معنى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ 
قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [سورة النساء]
هَذِهِ الآيَةُ مَعنَاهَا أَنَّهُ كَمُلَ مُعظَمُ الدِّينِ، كَمَا ذَكَر ذَلِكَ البَغَوِيُّ، وَالخَازِنُ، وابنُ حَجَرٍ العَسقَلَانِيُّ وَغَيرُهُم.
وَليسَ مَعنَاهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلمُجتَهِدِينَ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ أَن يُحدِثُوا مَا يُوَافِقُ الشَّرعَ كَعَمَلِ المَولِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ مَثَلًا.
قَالَ القُرطُبِيُّ: وَقَالَ الجُمهُورُ: المُرَادُ مُعظَمُ الفَرَائِضِ وَالتَّحلِيلِ وَالتَّحرِيمِ، قَالُوا: وَقَد نَزَلَ بَعدَ ذَلِكَ قُرءَانٌ كَثِيرٌ، وَنَزَلَت آيَةُ الرِّبَا، وَنَزَلَت آيَةُ الكَلَالَةِ إِلَى غَيرِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَمُلَ مُعظَمُ الدِّينِ وَأمرِ الحَجِّ اهـ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٢٥)
قوله تعالى ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ) سورة المائدة/١٥
معنى النور في الآية أي القرءان وسمّي نورا لكشف ظلمات الشرك أو لأنه ظاهر الإعجاز ، وليس معناها أن النبي محمدا خُلِق من نور.
قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ } [سورة المائدة]
قال المفسر اللغوي النحوي أبو حيان الأندلسي : «هو القرآن؛ سماه نورا لكشف ظلمات الشرك والشك، أو لأنه ظاهر الإعجاز».اهـ قال القرطبي : «قد جاءكم من الله نور أي: ضياء؛ قيل: الإسلام».اهـ فليُحذَر من قول بعض الجهلة أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم خُلِقَ من نور محتجين بهذه الآية {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ } ، وقد قدّمنا معنى هذه الآية كما فسرها علماء التفسير ، وليس فيهم عالم معتبر فسّرها بأن جسد النبي خلق من نور، أو أن النبي حقيقة هو نور بمعنى الضوء.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٢٦)
قوله تعالى ( تعلمُ ما في نفسي ولا أعلمُ ما في نفسِك ) سورة المائدة/١١٦
معناه تعلمُ يا الله ما في سرّي ولا أعلم ما في غَيبِكَ، وليس المعنى أن الله له نَفْس بمعنى الروح، بل الله هو خالق الروح.
وَرَدَ في القُرءانِ إضَافَةُ النّفْسِ إلى الله لا بمَعنى الرُّوْح بل بمَعنًى ءاخَر ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ هَذا وَرَدَ أنّ عِيسَى يَقُولُه يَومَ القِيامَةِ لما يسأل ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ﴾ مُتَبَرّأ مِن ذَلكَ وقَال ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ معنَاهُ أنتَ عَلِمتَه أمّا أنَا لم أعلَمْه، بَعضُ العُلَماءِ قَالوا النّفسُ هُنا مَعنَاها العِلم، ﴿ولا أَعلَمُ مَا في نَفسِكَ﴾ أي مَا في عِلمِكَ. ﴿تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى﴾ [المائدة: 116] ذاتي ﴿وَلا أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ﴾ ذَاتِكَ. فنَفسُ الشّىءِ ذَاتُه وهُوِيَّتُه والمعنى: تَعلَمُ مَعلُومِي ولا أَعْلَمُ مَعلُومَكَ. اهـ (قال ابن الجوزي في تفسيره قولُه تَعالى: ﴿تَعلَمُ مَا في نَفسِي ولا أَعْلَمُ مَا في نَفسِكَ﴾ قالَ الزّجّاج تَعلَمُ مَا أُضمِرُه ولا أَعْلَمُ مَا عِندَكَ عِلمُه، والتّأويلُ تَعلَمُ مَا أَعلَمُ وأنَا لا أَعلَمُ مَا تَعلَم).

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٢٧)
قوله تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) سورة التين/٤
معناه أن الله خلق الإنسان في أحسن صورة، وهذا يدل على بطلان قول الملاحدة إن أصل الإنسان قرد والعياذ بالله، فأول البشر هو ءادم عليه السلام وكان جميلا.
بيان أنّ الإنسان خلق في أحسن تقويم وأنّ آدم جميل الشكل

، فقد قال الله تبارك وتعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} الله تعالى أقسم بهذه الأشياء التين والزيتون لعظم منافعهما من منافعهما ما نعرف وما لا نعرف لكن علينا أن نعتقد أنّ لهما شأنا عظيما وذكر طور سينين وهو الجبل الذي سمع موسى كلام الله وهو هناك وهذا البلد الأمين أي مكة، الله تعالى أقسم بهؤلاء الأربعة لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم: معناه أنّ الله يقسم يحلف بأنه خلق الإنسان في أحسن تقويم فيجب اعتقاد ذلك لأنّه ذكر ذلك في القرءان الكريم.

أوّل ما خلق الله تعالى من البشر ءادم عليه السلام فقبل ءادم لم يكن إنسان، قال تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَازَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء}.

فسّر العلماء هذه النفس الواحدة بآدم عليه السلام وذكروا ذلك في تفاسيرهم (كتفسير زاد المسير والبحر المحيط وتفسير النسفي والطبري) وقالوا بأنّ المعنى وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء أي أنّ الله تعالى من ءادم وحواء بثّ بقية البشر فقبل آدم لم يكن بشر كما ذكر أبو حيان في تفسيره فمن قال كان قبل آدم مائة ألف آدم فقد كذب بدليل أنّ سيدنا محمدا أخبر في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم "أنّ الناس يوم القيامة يذهبون إلى آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر" فلو كان هناك آدم غير آدم هذا لكان الرسول قال يذهبون إلى آدم الأول ثمّ إلى آدم الثاني ثم الثالث وهكذا إنما قال: "يذهبون إلى آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شىء فاشفع لنا إلى ربنا" فآدم عليه السلام من كرامته على الله علّمه أسماء كل شىء بدون دراسة على أحد قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا} ومن جملة مزاياه أنّ الله أمر الملائكة أن يسجدوا له تحية وإكراما لأنه خلق في الجنة أما تربته التي خلق منها أخذت من الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك وسهلها وحزنها وما بين ذلك فجاء بنوا آدم على قدر الأرض فيهم من هو أبيض ومن هو أسود ومن هو بين الأبيض والأسود وفيهم من هو دمث الأخلاق سهل قريب ومن هو جاف غليظ الطبع شرس الأخلاق لأنّ الأرض هكذا ليست على صفة واحدة.

وأما إسجاد الملائكة له ليعلمهم أنّ هذا الخلق الذي خلق الآن هو أفضل منهم مع أنّ الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون ليسوا مثلنا لا يشغلهم نوم ولا جوع ولا عطش ما خلق الله فيهم داعية الأكل ولا داعية الشرب ولا داعية النوم ومع ذلك أمرهم بالسجود لآدم فسجدوا كلهم، أما إبليس وهو جني مخلوق من نار أبى أن يسجد لآدم اعترض على الله حتى قال كيف تأمرني أن أسجد لهذا الذي خلقته من طين وأنا خلقتني من نار، يعني النار أشرف من الطين فكيف أوْمر لهذا بأن أسجد لهذا الذي خلق من طين فكفر بعد أن كان مسلما واسمه عزازيل فسمّي إبليس من أبلس أي المطرود من الخير فآدم عليه السلام كان سويّ الخلقة طوله ستون ذراعا وعرضه سبعة أذرع وعلى مناسبة هذا الطول والعرض عيناه ويداه ورجلاه وفمه وأنفه .

كان من أجمل خلق الله كان طويل الشعر لم يكن محدودب الظهر لم يكن قصير القامة. الرسول صلى الله عليه وسلم قال عنه في الحديث الذي رواه البخاريّ وغيره:"إنّ أهل الجنّة على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء في سبعة أذرع عرضا".

كما أنه كان جميل الصوت قال عليه الصلاة والسلام "ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت وإنّ نبيكم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا" فالأنبياء كلهم جميلي الخلقة ليس فيهم دميم الوجه ولا قبيح الصوت وقد صحّ عن رسول الله أنه قال: "إذا سلمتم عليّ فسلموا على أنبياء الله فإنهم بعثوا كما بعثت".

فمن انتقص آدم أو استهزأ به في جد أو مزح فقد خرج من الإسلام كالذي ينتقص نبينا محمد أو إبراهيم أو موسى أو عيسى أو يونس بن متى أو غيرهم من الأنبياء فيجب أن لا يصدق على أي نبي أيّ خبر فيه طعن في واحد منهم صريح أو غير صريح.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٢٨)

قوله تعالى ( ولقد همّتْ به وهمّ بها لولا أن رءا برهان ربه ) سورة يوسف/٢٤
من معاني هذه الآية أن امرأة العزيز همّت بأن تدفع يوسف عليه السلام ليزني بها وهمّ يوسف بدفعها ليخلص منها، فيوسف ما همّ بالزنى ولا فعل الزنى.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [سورة يوسف] فقد قيل فيه نحو خمس تأويلات وأحسنُ ما قيل في ذلك أن يقال قوله تعالى: {وَهَمَّ بِهَا} مربوط بما بعده أي بقوله (لولا أن رأى برهان ربه) فيكون على هذا التفسير ما همَّ يوسف بالمرة لأنه رأى البرهان، فلولا حرف امتناع لوجود أي امتنع الهم منه عليه السلام لوجود البرهان أما لو لم ير البرهان لهم، والبرهان هو العصمة أي أنه أُلهِمَ أن الأنبياء معصومون عن مثل هذا الشىء وأنه سيؤتى النبوة فلم يهمّ. هذا أحسنُ ما قيل في تفسير هذه الآية. وقال بعض علماء المغاربة معنى {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} أي همت بأن تدفعه ليزني بها وهمَّ بها أي هَمَّ يوسف عليه السلام بدفعها من الأمام ليخلص منها لولا أن رأى البرهان أنك بدفعها من الأمام ستكون الحجة لها عليك فأعطاها ظهره فكان الدفع من الخلف وكانت الحجة له عليها، والخلاصَةُ أنّ الأنبياءَ لا يقعونَ في الزّنى ولا يهمّونَ بهِ..

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٢٩)
قوله تعالى ( الآن خفف الله عنكم وعلِم أن فيكم ضعفا ) سورة الأنفال/٦٦
فقوله تعالى ( وعلِم ) ليس راجعا لقوله تعالى ( الآن ) بل المعنى أنه تعالى خفَّفَ عنكم الآن لأنه علِم بعلمه السابق في الأزل أنه يكون فيكم ضعف.

الله يَعْلَمُ كُلَّ شَىْءٍ بِعِلْمِهِ الأَزَلِيِّ وَلا يَتَجَدَّدُ لَهُ عِلْمٌ لِأَنَّ عِلْمَهُ عِلْمٌ وَاحِدٌ شَامِلٌ لِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ يَعْلَمُ بِهِ سُبْحَانَهُ ذَاتَهُ وَصِفَاتِهِ وَمَا يُحْدِثُهُ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ يَعْلَمُ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ وَمَا لا يَكُونُ أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ يَكُونُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا﴾سُورَةَ الطَّلاق.

وَمَا أَوْهَمَ تَجَدُّدَ العِلْمِ لله تَعَالَى مِنَ الآيَاتِ القُرْءانِيَّة ِ فليس المراد به ذلك كقوله تعالى ( الآن خَفَّفَ الله عنكم وعَلِمَ أنَّ فيكم ضعفًا ) 

فقوله ( الآن خَفَّفَ الله عنكم ) أي تغير الحكم - رفع عنكم الحكم - ما كان واجبًا عليكم من مقاتلة واحد من المسلمين لعشرة من الكفار بإيجاب مقاتلة واحد من المسلمين لاثنين من الكفار
 فقوله ((وعَلِمَ)) ليس مرتبطًا بقوله تعالى ( "الآن" )، "الآن" مرتبط بالحكم أي "الآن" ارتفع ذاك الحكم إلى هذا الحكم الجديد،
 قوله تعالى (وعَلِمَ) أي لأن الله عَلِمَ بعلمه الأزلي أن فيكم ضعفا خفف عنكم الآن بنزول الآية، وليس معناه أن الله علم ذلك بعد أن لم يكن عالمًا. فالله لا يَتَجَدَّدُ لَهُ عِلْمٌ علمه لا بداية له ولا نهاية لا يزيد ولا ينقص.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٣٠)
قوله تعالى ( يخافون ربهم من فوقهم ) سورة النحل/٥٠
معناه يخافون ربهم من أن يُنزّل عليهم العذاب من فوقهم والله موصوف بالعلو وفوقية الرتبة والعظمة ومنزه عن الكون في مكان وعن المحاذاة.

《 بيان معنى الفوقية في حق الله وتنزيه الله عن المكان والجهة 》

1) قال الإمامُ المُفَسِّرُ فخر الدين الرازِيُّ (ت 604هـ) في تفسيره ما نَصُّه:
“[قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ﴾] [الأَنْعام: 61]
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ ءاخَرُ مِنَ الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى وَكَمَالِ حِكْمَتِهِ،
 وَتَقْرِيرُهُ أَنَّا بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ هَذِهِ الْآيَةِ الْفَوْقِيَّةَ بِالْمَكَانِ وَالْجِهَةِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهَا الْفَوْقِيَّةَ بِالْقَهْرِ وَالْقُدْرَةِ، 

كَمَا يُقَالُ أَمْرُ فُلَانٍ فَوْقَ أَمْرِ فُلَانٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ أَعْلَى وَأَنْفَذُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الْفَتْحِ: 10]

 وَمِمَّا يُؤَكِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ﴾ مُشْعِرٌ بِأَنَّ هَذَا الْقَهْرَ إِنَّمَا حَصَلَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْفَوْقِيَّةِ،

 وَالْفَوْقِيَّةُ الْمُفِيدَةُ لِصِفَةِ الْقَهْرِ هِيَ الْفَوْقِيَّةُ بِالْقُدْرَةِ لَا الْفَوْقِيَّةُ بِالْجِهَةِ، إِذِ الْمَعْلُومُ أَنَّ الْمُرْتَفِعَ فِي الْمَكَانِ قَدْ يَكُونُ مَقْهُورًا” انتهى.

2) قال ابن عَطِيَّة الأندلسيّ (ت 542هـ) في تفسيره عن معنى ءاية ﴿يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾ [النَّحْل: 50] ما نَصُّه:
“وقوله ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ يَحْتَمِلُ مَعْنَيين:

أحدهما: الفوقية التي يوصف بها الله تعالى فهي فوقية القدر والعظمة والقهر والسلطان.

والآخر: أنْ يَتَعَلَّق قوله ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ بقوله ﴿يَخافُونَ﴾، أي يَخافون عذابَ رَبِّهِم مِن فَوْقِهم وذلك أنَّ عادةَ عَذابِ الأُمَمِ إِنّما أَتَى مِن جِهَة فَوْقٍ” انتهى.
3) قال ابن عادل الحنبلي (ت 775هـ) في تفسيره ما نَصُّه:
“استَدَلَّ المشبهة بقوله تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ﴾ على أنه تعالى فوقهم بالذات. 
والجواب: أن معناه: يخافون ربَّهم مِن أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيهم العَذابَ مِن فَوْقِهم، وإذا احتَمَل اللَفْظُ هذا المعنى سَقَطَ اسْتِدْلالُهم، وأيضًا يجب حمل هذه الفوقية على الفوقية بالقدرة، والقهر والغلبة؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾ [الأعراف: 127]” انتهى.

قالَ أهلُ الحقّ: ليس الشأنُ في عُلوّ الجهةِ بل الشأنُ في علوّ القدرِ، 
والفوقية في لغةِ العربِ تأتي على معنيينِ فوقية المكانِ والجهةِ وفوقية القدرِ قال الله تعالى إخبارًا عن فرعون: {وإنا فوقهم قاهرون} أي نحنُ فوقَهُم بالقوةِ والسيطرةِ؛
 لأنه لا يصحُّ أن يقالَ إن فرعونَ أرادَ بهذا أنه فوقَ رقابِ بني إسرائيلَ إلى جهةِ العلوّ إنما أرادَ أنهُم مقهورونَ لَهُ مغلوبونَ.

فقول الله تعالى اخباراً عن فرعون الكافر {أنا ربكم الأعلى} معناه علو القدر. وكذا قوله {وإنا فوقهم قاهرون}
 أي فوقية القوة والسيطرة وليس فوقية المكان. فلهذا نص العلماء أن الفوقية والعلو أذا أطلق على الله فالمراد منه علو قدر وفوقية قهر سبحانه وتعالى،
وليس علو مكان وجهة لأن الله كان قبل الخلق والمكان والجهات بلا مكان كما أجمع كل علماء أهل السنة على ذلك ونص على ذلك ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂


ءاية ومعنى (٣١)
قوله تعالى ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) سورة الكهف/٢٩
هذه الآية تهديد ووعيد لمن كفر بالنار وليس إذنا وتخييرا لهم بالكفر كما زعم بعض المحرفين، وهذه الآية ليست دليلا على أن الله أعطى الحرية للكافرين في اعتقاد ما شاؤوا ولو كان كفرا.

قول الله تعالى {ومن شاء فليكفر} هذا على التهديد والوعيد، معناه أن الذي يكفر فقد هيأ الله له العذاب في اﻵخرة يدخل جهنم خالدًا فيها أبدا. هذا وعيد وليس إذنًا بالضلال وعبادة الحجر والبقر والفئران كما هو حاصل من بعض الناس.

وليس معنى اﻵية أيها الناس إن شئتم آمنتم وإن شئتم كفرتم، ليس معناها أنه ليس عليكم حرج سواء آمنتم أو كفرتم.

هذا فساد عريض لم يقل به أحد من المسلمين، فسلف الأمة وخلفها متفقون على أن أساس ما جاء به الأنبياء هو الأمر بالإيمان بالله وحده لا شريك له، وأن من خالف ذلك الأمر الربانيّ فمآله إلى جهنم خالدًا فيها أبداً كما قال كتاب ربنا سبحانه.

ليس معنى الآية أن الكفر والضلال وفعل الشرور رخصةٌ لمن أراد فعلها، إنما معناها تهديد وتوعّد ﻷن الله أتبع ذلك بقوله {إنا أعتدنا للظالمين} أي للكافرين {نارًا أحاط بهم سرادقها}، والمعنى أن من آمن منكم فلنفسه أي ينفع نفسه، ومن كفر فإنا أعتدنا للظالمين أي للكافرين نارا، هيأنا لهم نارًا أحاط بهم سرادقها، معناه أنهم محفوفون في جهنم من جميع الجهات، فجهنم لها أرض مستقلة غير أرضنا هذه وغير اﻷرض السابعة ولها جدران حتى يقوى الحر عليهم، ولها غطاء لها سقف كذلك ليزداد الحر قوة.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٣٢)
قوله تعالى ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظنّ أن لن نقدر عليه ) سورة الأنبياء/٨٧
معناه سيدنا يونس غضب على قومه لأنهم لم يؤمنوا بدعوته ومعنى فظن أن لن نقدر عليه أي ظن أن لن نضيّق عليه ولم يشكّ يونس في قدرة الله عليه.

أَمَّا مَا وَرَدَ فِى الْقُرْءَانِ فِى شَأْنِ نَبِىِّ اللَّهِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَّنْ نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِى الْمُؤْمِنِينَ﴾ فَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ ذَهَبَ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ بَلْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا لِقَوْمِهِ لِكُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ لَهُ لَكِنَّهُ تَرَكَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُ. 

وَالنُّونُ أَىِ الْحُوتُ وَأُضِيفَ إِلَيْهِ لِابْتِلاعِهِ لَهُ وَمَعْنَى ذِى النُّونِ صَاحِبُ الْحُوتِ، ﴿فَظَنَّ أَنْ لَّنْ نَّقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ أَىْ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَنْ يُضَيِّقَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ لِقَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ أَمَّا مَنْ نَسَبَ إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَقَدْ نَسَبَ إِلَيْهِ الْكُفْرَ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ. 
سَيِّدُنَا يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلامُ نَبِىٌّ مُرْسَلٌ اللَّهُ تَعَالَى أَرْسَلَهُ إِلَى قَوْمٍ كُفَّارٍ لِيَدْعُوَهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَأَقَامَ فِيهِمْ مُدَّةً طَوِيلَةً يَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَتَرْكِ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ إِلَّا الْقَلِيلُ فَأَيِسَ مِنْهُمْ وَتَرَكَهُمْ. 

وَعِنْدَمَا أَلْقَى يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِنَفْسِهِ فِى الْبَحْرِ ابْتَلَعَهُ الْحُوتُ ابْتِلاءً لَهُ عَلَى تَرْكِهِ قَوْمَهُ الَّذِينَ أَغْضَبُوهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَخْدِشْ لَهُ لَحْمًا وَلَمْ يَكْسِرْ لَهُ عَظْمًا وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ الِانْتِحَارَ. 

أَمَّا مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ سَيِّدَنَا يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَلْقَى بِنَفْسِهِ فِى الْبَحْرِ لِيَنْتَحِرَ أَىْ لِيَقْتُلَ نَفْسَهُ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّ الِانْتِحَارَ ذَنْبٌ كَبِيرٌ وَهُوَ أَكْبَرُ الذُّنُوبِ بَعْدَ الْكُفْرِ فَلا يُتَصَوَّرُ حُصُولُهُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ. 
مَكَثَ سَيِّدُنَا يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِى بَطْنِ الْحُوتِ أَيَّامًا فِى ظُلُمَاتِ الْبَحْرِ يَدْعُو اللَّهَ وَيَسْتَغْفِرُهُ وَيُسَبِّحُهُ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ وَنَجَّاهُ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ لِأَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَهُ فِى بَطْنِ الْحُوتِ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْحُوتَ أَنْ يُلْقِيَهُ فِى الْبَرِّ. 
فَعَنْ سَعْدِ بنِ أَبِى وَقَّاصٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ دَعْوَةُ ذِى النُّونِ إِذْ دَعَا رَبَّهُ وَهُوَ فِى بَطْنِ الْحُوتِ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِى شَىْءٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِىُّ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٣٣)

قوله تعالى ( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) سورة الفرقان/٧٠
معناه يبدّل الله في الدنيا سيئاتهم بأن يمحو سوابق معاصيهم ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم، وليس معناها أن عين المعصية تتحول حسنة.

قال الله عز وجلّ
(إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة الفرقان: 70]

ليعلم أنه لا يجوز أن يعتقد أن السيئة تنقلب حسنة بحال من الأحوال وليس معنى هذه الآية أن الكافر إن أسلم أو العاصي إن تاب فإن السيئات بعينها تنقلب حسنات 
فإن هذا الاعتقاد معناه لو أن كافرا كان لا يؤذي الناس وكافرًا كان يؤذي الناس ويتمادى في الفساد ثم أسلما فإن هذا الكافر الذي كان يؤذي الناس ويتمادى في الفساد له بإسلامه أجر أعظم من الأجر الذي يكون بإسلام ذاك بزعم من ادعى أن السيئات بذاتها تنقلب حسنات فكلما كانت السيئات أكثر كانت الحسنات أكثر بزعم من ادعى هذا المعنى وهذا معتقد فاسد 
وإنما معنى الآية كما في الدر المنثور للجلال السيوطي عن قتادة " فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات " قال إنما التبديل طاعة الله بعد عصيانه وذكر الله بعد نسيانه والخير تعمله بعد الشر.

وبمعنى ما جاء عن قتادة روي عن ابن عباس والحسن ومجاهد كما ذكره الفخر الرازي في التفسير الكبير وقال أيضا قال الزجاج السيئة بعينها لا تصير حسنة وروى هذا التأويل أيضا عن ابن عباس والحسن ومجاهد السيوطي في الدر المنثور والطبري في جامع البيان عن ابن عباس وغيرهم.



معناه الكافر الذي يدخل في الإسلام فيغفر الله تعالى له بإسلامه ويوفقه 
للعمل الصالح فتحل الحسنات التي عملها بعد إسلامه محل تلك السيئات التي سبق أن ارتكبها وغفرت له بإسلامه.

فليعلم هذا فإنه نفيس وليحذر من اعتقاد أن الذنب ينقلب بعينه حسنة فإنه كفر خطير وشر مستطير وفساده ظاهر لمن عنده مسكة عقل فيجب على من كان اعتقد هذا المعنى الباطل أن يتشهد للخلاص من الكفر بقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.

معنى مسكة (بضم الميم )عقل اي شىء من العقل

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٣٤)
قوله تعالى ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) سورة القصص/٥٦
معناه إنك يا محمد لا تهدي من أحببتَ هدايته ولكن الله يهدي من يشاء أن يهديه من خلقه بتوفيقه للإيمان بالله ورسوله. فمعنى من أحببتَ في الآية أي أحببت هدايته.
مسألة مهمة جدا : قال العلماء : مستحيل أن يَمِيلَ قلبُ نبيٍّ لِمَحَبَةِ ذاتِ كافر.

ما حصل لنبيٍّ من أنبياءِ الله أنْ مالَ قلبُهُ إلى ذات كافرٍ ولو كانت زوجَتُهُ، أما اذا شخص تزوج من كافرة كاليهودية مثلاً إذا مَالَ قلبه لها ما عليه معصية لكن حرام أن يقول لها إني أحبك.
فإذا شخصٌ ظَنَّ لِجَهَلِهِ أن الرسول كان يحب أبا طالب لِحسانِهِ لَهُ لمعاملتِهِ لَهُ ولدفاعِهِ عنه ليس أنه يُحِبُ ذاتَ الكافر لِكُفرِهِ "لا يكفر لكنه غلط"، الرسول ما كان يحبُ كافراً إن كان عمَهُ أو غير عمِهِ.
قال الله تعالى { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء) مَن أَحبَبت معناهُ الرّسولُ كانَ يحِبُّ اهتداءَ أبي طالب، ليسَ معناهُ يحِبُّ شَخصَه مع كفرِه، لذَلكَ لمَّا ماتَ ونزَل في الآيةِ بأنّهُ ماتَ على الكفر وأنَّ اللهَ لم يَهدِهِ جاءَ عَلِيُّ ابنُ أبي طالب إلى الرَّسول فقال يا رسولَ اللهِ إنَّ عمَّكَ الشيخَ الضّالَّ قد مات (يعني أباه)، قالَ اذهَبْ فوَارِه أي ادفِنْهُ". رواه البيهقي، وَارِه معناهُ ادْفِنه، أي جَهّزْه للدَّفن، هو ما خَرَج في جِنازتِه لو كان يُحبُّه لِشَخصِه كانَ خَرَج في جِنازتِه، هَذا دليلٌ لنا على أنّه ما كانَ يحِبُّ شَخصَهُ إنما كانَ يحِبُّ اهتداءَه، ومعنى قولِه تعالى: { إنّكَ لا تهدِي مَن أحبَبْتَ }. 

مَن أَحبَبْتَ اهتداءَه لا تهديْه يا محمّد ولكنَّ اللهَ يَهدِي مَن يَشاء، فمَنْ شاءَ اللهُ لهُ الهدايةَ في الأزَلِ اللهُ يَهديهِ أمّا الذي أنتَ تحِبُّ لهُ الاهتداءَ ولم يَشإِ اللهُ لهُ الإسلامَ لا يَهديْه اللهُ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٣٥)
قوله تعالى ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر ) سورة العنكبوت/٤٥
فمعنى ولذكر الله أكبر أي ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه، وليس معنى الآية أن التسبيح ونحوه باللسان أفضل من الصلوات الخمس.
فائدة:معنى قول الله تعالى {إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}: أي ذِكْرُ اللهِ لكم بالثواب والثناء عليكم أكبر من ذِكْرِكُم له في عبادتكم وصلواتكم. ليس معناه أن اشتغال المرء بالتسبيح والتحميد بلسانه ونحو ذلك من الأذكار أفضل من الصلوات الخمس، الصلوات الخمس أفضل الواجبات بعد الإيمان بالله ورسوله. كما قال الطبري في تفسيره عن مجاهد وعكرمة، وقال القرطبي في تفسيره: "عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال في قول الله عز وجل: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} قال: ذِكْرُ اللهِ إياكم أكبر مِن ذِكْرِكُم إياه" اهـ. ومثله قال ابن الجوزي في تفسيره "زاد المسير"، والسيوطي في "الدر المنثور".

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂


ءاية ومعنى (٣٦)
قوله تعالى ( والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون ) سورة الذاريات/٤٧
معنى بأييد هنا أي بقدرة كما قال ابن عباس وليس المقصود باليد هنا اليد الجارحة فالله منزه عن ذلك واليد تأتي بمعنى القدرة والقدرة هي القوة.
قال الله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} سورة الذاريات
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "بِأَيْدٍ"
أي بقدرة، وليس المقصودُ باليد هنا الجارحةَ التي لنا فإن الله تعالى منزه عن ذلك. 
فاليدُ تأتي بمعنى القدرة، والقدرةُ هي القوةُ. 
 {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}: أي قادرون، وليس كما زعم بعض الجهال أن الكون في اتِّساعٍ دائم! 
هذا كذبٌ مردود. 


وتأتي اليد بمعنى العَهدِ كما في قوله تعالى {يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} سورة الفتح، أي عَهدُ الله فوقَ عُهودِهم، أي ثَبَتَ ووجبَ عليهم، لأن معاهدَتَهم للرسول ﷺ تحتَ شجرةِ الرضوان في الحديبية هي معاهدةٌ لله تعالى لأن الله هو الذي أَمَرَ نبيَّهُ ﷺ بهذه المبايَعَة. 
وأما قولُهُ تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} سورة المائدة، فمعناهُ غنيٌّ واسِعُ الكَرَم.
فمن حمل إضافة الوجه أو اليد أو العين الوارد في القرءان أو الحديث في حق الله تعالى على الحقيقة أي على هذه الأعضاء والجوارح المؤلَّفة والمركَّبة كما فعلت المجسمة فقد كذَّب الله تعالى.
الوجه والعين واليد إذا أضيفت إلى الله فلها معنى يليق بالله تعالى ليس بجسم ولا حجم ولا جارحة ولا هيئة ولا صورة ولا كيفية ولا كمية والحمد لله الذي وفق أهل السنة لمعرفة العقيدة الصحيحة.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٣٧)
قوله تعالى ( ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ) سورة النجم/ ٨-٩
معناه أن جبريل اقترب من النبي عليه الصلاة والسلام فكان ما بينهما من المسافة بمقدار ذراعين أو أقرب واقترب جبريل من النبي فرحا به. وليس معناه أن الله دنا بذاته من النبي لأن الله لا يحويه مكان.
{ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ (9) }
[ سورة النجم : 8 إلى 9 ]
صدق الله العظيم
قالت عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الذي دنا فتدلى هو جبريل عليه السلام 
ذكر ذلك الامام البخاري و الامام مسلم
والحافظ الكبير ابو بكر البيهقي في الاسماء والصفات و...
ان الذي دنا فتدلى هو جبريل عليه السلام كما قالت ذلك عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها ورضي عن ابيها ابي بكر الصديق .

قال الشيخ احمد بن إسماعيل بن عثمان بن مراد الكوراني ويقال له المللا كوراني وهو شيخ السلطان محمد الفاتح الماتريدي:
((((اتفقت الروايات على أن الذي دنا فتدلى هو جبريل عليه السلام ))).
قال الحافظ العراقي من اثبت لله الجهة فهو كافر بإجماع الأمة

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٣٨)
قوله تعالى ( كل يوم هو في شأن ) سورة الرحمن/٢٩
معنى الآية كما فسرها النبي بقوله ( يغفر ذنبا ويكشف كربا ويرفع قوما ويضع ءاخرين ). وليس المعنى أن الله تعالى يتغير من حال إلى حال كل يوم بل الله يغير ولا يتغير.
مَعْنَى قَوْلِهِ تعالى: "كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأنٍ" مَا قَالَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: "يَغْفِرُ ذَنْْبًا وَيُفَرِّجُ كَرْبًا وَيَرْفَعُ قَوْمًا وَيَضَعُ ءاخَرِين" رَواهُ ابنُ حِبَّانَ .

" كلَّ يوم هو في شأن "، معناه يغير الأشياء، هو لا يتغير، علمه لا يتغير ومشيئته وتقديره لا يتغير، إنما هو يغيّر المحدثات (المخلوقات ) من حالٍ إلى حال .

 وَيُوَافِقُ هَذَا قَوْل النَّاسِ سُبْحَانَ الَّذي يُغَيِّرُ وَلا يَتَغَيَّرُ وَهُوَ كَلامٌ جَمِيلٌ إِذِ التَّغَيُّرُ في الْمَخْلُوقَاتِ وَلَيْسَ في اللهِ وَصِفَاتِهِ فَيَكُونُ مَعْنَى الآيَةِ أَنَّ اللهَ يُغَيِّرُ في خَلْقِهِ مَا شَاءَ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂


ءاية ومعنى (٣٩)
قوله تعالى ( ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) سورة الملك/١٦
قال القرطبي أي ءأمنتم خالق من في السماء، وقال بعضهم ءأمنتم جبريل الموكل بالخسف أن يخسف بكم الأرض بأمر من الله، وليس معنى الآية أن الله يسكن السماء فالله لا يحتاج للسماء ولا يسكن المكان.

قال المفسر الفخر الرازي في تفسيره وأبو حيان الأندلسي في كتابه البحر المحيط: (أأمنتم من في السماء ان يخسف بكم الأرض) المراد بمن في السماء الملائكة‚ وليس المراد ان الله ساكن في السماء.
قال المفسر #القرطبي: "وقيل: هو إشارة إلى الملائكة. وقيل: إلى جبريل وهو الملك الموكل بالعذاب. قلت: ويحتمل أن يكون المعنى: أأمنتم خالق من في السماء أن يخسف بكم الأرض كما خسفها بقارون. اهـ
ثم قال: والمراد بها توقيره وتنـزيهه عن السفل والتحت. ووصفه بالعلو والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنها صفات الأجسام. وإنما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأن السماء مهبط الوحي، ومنـزل القطر، ومحل القدس، ومعدن المطهرين من الملائكة، وإليها ترفع أعمال العباد، وفوقها عرشه وجنته كما جعل الله الكعبة قبلة للدعاء والصلاة، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها، وكان في أزله قبل خلق المكان والزمان. #ولا_مكان_له_ولا_زمان. وهو الآن على ما عليه كان" اهـ. .
تفسير القرطبي الجزء 21 صحيفة 126.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٤٠)
قوله تعالى ( سبح اسم ربك الأعلى ) سورة الأعلى/١
معناه أنزه ربي الأعلى أي الذي هو أعلى من كل علي علو قدر لا علو حيز ومكان لأن الشأن في علو القدر وليس في علو المكان.
سبحان ربي الأعلى، أي تنزه ربي عن كل نقص وعيب. والله تعالى هو الأعلى من كل شيء قدرًا سبحانه.
فنحن نقول في سجودنا: سبحان ربي الأعلى. معناه سبحان ربي الذي هو أعلى من كل شىء قدرًا ومكانة، سبحانه وتعالى،
وليس المعنى أن الله تبارك وتعالى عالٍ بالمكان والحيز والجهة!
قال تعالى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وقال تعالى لسيدنا موسى عليه السلام {قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى} ...
وكثير منا سمع بالقصة التي جاءت يوم نزل الصحابة في معركة أحد عن جبل الرماة ظَنًّا منهم أن المعركة انتهت فوقتها حصلت مقتلة في المسلمين ونادى أبو سفيان فقال "اعلُ هبل" فرد الصحابة رضوان الله عليهم بقولهم "الله أعلى وأجل" ذكر القصة كاملة الإمام البخاري.

فمن يتأمل هذه الآيات والقصة يجد أقوى دليل على أن العلو المذكور لا يفسر بعلو المكان ولكن بعلو المكانة والقهر والغلبة

قال الإمام اللغوي أبو القاسم الزَّجَاجِيُّ في [كتابه اشتقاق أسماء الله] : " العلاءُ: أي الرِّفعةُ والسَّناءُ والجَلالُ".

وقال : "والعَلِيُّ والعَالي أيضًا بمعنى القاهر والغالب للأشياء، وليس معنى الأعلى نسبة علو المكان لله" اهـ. 

وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي: " الله عز وجل هو العَلِيُّ الأعلى المتعالي ذو العَلاءِ والعُلوِّ، فأما العلاءُ: فالرفعةُ، والعُلوِّ: العَظَمَة" اهـ.

قالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ في الفتح : " وقد تقرر أنَّ اللهَ ليسَ بجسمٍ فلا يحتاجُ إلى مكانٍ يستقِرُّ فيه فقد كانَ ولا مكان".

الإمام الرازي الشافعي في كتابه "التفسير الكبير" يقول : "قوله تعالى : (وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيم). 
ولا يجوز أن يكون المراد بكونه عليا العلو في الجهة والمكان لما ثبتت الدلالة على فساده".اهـ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٤١)

قوله تعالى ( والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ) سورة الزمر/٦٧
معناه قبضته هنا أي في سلطانه وملكه فلا ملك يومئذ إلا الله، وليس معنى قبضته هنا أن الله له يد جارحة ويقبض بها الأرض كما يفعل المخلوق فالله لا يوصف بالجارحة.

▪ قَالَ الْقُرْطُبِيّ في تفسيره (في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾): يَده عبارَة عَن قدرته وإحاطته بِجَمِيعِ مخلوقاته

▪ والدليل من القرءان على أن اليد تَأتِي: بِمَعْنى الْقُوَّة  قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ﴾

▪ وَبِمَعْنى: النِّعْمَة تَقول: كم من  يَد لي عِنْد فلَان، أَي: كم من نعْمَة أسديتها إِلَيْهِ

▪ وَبِمَعْنى الْجَارِحَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا﴾

▪ وَبِمَعْنى الذل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ﴾ أَي عَن ذل

▪ وَقَوله تَعَالَى ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ قيل: فِي الْوَفَاء، وَقيل: فِي الثَّوَاب.

▪ وَالْيَد السُّلْطَان

▪ وَالْيَد الطَّاعَة

▪ وَالْيَد الْجَمَاعَة

▪ وَفِي الحَدِيث: "وَأَخَذَ بِهِم يَدَ الْبَحْرِ" ، يُرِيد طَرِيق السَّاحِل

▪ وَالْيَد الْحِفْظ والوقاية

▪ وَيَدُ الْقوس أَعْلَاهَا

▪ وَيَدُ السَّيْف قَبضته

▪ وَيَد الطَّائِر جنَاحه

▪ وبايَعتُه يدًا بيد أَي بعته أو اشتريت منه بِالنَّقْدِ.


꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٤٢)
قوله تعالى ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ) سورة نوح/١٠

معناه اطلبوا من الله المغفرة بترك الكفر والدخول في الإسلام بالنطق بالشهادتين، وليس معناه أن الكافر يدخل للإسلام بقول استغفر الله بل لا بد للدخول في الإسلام من النطق بالشهادتين.
لله تعالى 

أمّا قولُ نبي الله نوح عليه السلام لِقومه:ِ {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} (سورة نوح، 10) أي ادخلوا في الإسلام يغفر لكم.

وهو خطاب لكفار أحياء في زمنه وليس لكفار أموات، ومعنی كلامه أن توبوا إلى الله بِدخولكم في الإسلام بالتشهد ، اي قولوا لا إله إلا الله نوح رسول الله، وليس معنی ذلك أن سيدنا نوح يأمرهم بأن يقولوا: أسْتَغفرُ الله، وهم بَعْدُ مقيمونَ على عبادة الأصنام والأوثان.

فالكافر لا ينفعه قول أستغفر الله قبل أن يتشهد للدخول في الإسلام، بلسانه يتشهد بطريقة صحيحة.

والله تعالى يقول: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أنْ يسْتغْفروا للْمشْركين ولوْ كانوا أولي قرْبى منْ بعْد ما تبيّن لهمْ أنّهمْ أصْحاب الْجحيم} [التوبة:113]، وقال سبحانه: {ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} [التوبة:84].

ومن الأدلة أيضا على أنه لا يجوز الترحم على الكافر بعد موته أنه مرّةً جاءت إلى النبيّ بنتٌ في غزوةٍ غزاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فذكَرَت أن أباها كانَ يقري الضّيف أي يُكرم الضّيف ويقضي حاجاتِ الطّالبِين ، لا يرُدّ طَالبًا قالت إنّ أبي كان لا يرُدُّ طالبًا، وكانت بنتُ حاتمٍ الطّائيِّ يُقال لها سفانة وهي حَسناء وفصيحةُ اللّسان أُعجِب الصّحابةُ بها فكلّمَت الرَّسولَ قالت إن أبي كان كذا وكان كذا فذكَرت خِصالَه التي كان يُذكَر بها فقال الرَّسول صلى الله عليه وسلم: "لو كانَ مسلِمًا لَترَحّمنا عليه". رواه البيهقي وابن عساكر.

الفائدة: 
❌ أنه لا تجوز الرحمة على الميت الكافر. 

لو كانت الرحمة تجوز على الكافر فلمَ أتعب النبي عليه الصلاة والسلام ومعه الصحابة أنفسهم في نشر الإسلام وبث السرايا والبعوث وخوض المعارك من أجل إنقاذ البشر من عبادة الأوثان والعباد إلى عبادة رب العباد؟ 
ولكان يكفي لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يكتفي بالصلاة والبقاء في المسجد بل في غار حراء ويجنب المسلمين الحروب والغزوات ما دام المسلم والكافر بعد الموت يستويان في الرحمة. 
فالكافر لا رحمة له عند الله بعد موته أبدا أبدا ومن قال بغير ذلك فهو ليس مؤمنا عليه أن ينقذ نفسه بالرجوع الى الإسلام

قال تعالى {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيل}


فالرحمة فقط في الآخرة لمن يموت على الإسلام
اللهم ارزقنا حسن الختام والموت على كامل الإيمان، ءامين
ءاية ومعنى (٤٣)
قوله تعالى ( إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليّا ولا نصيرا ) سورة الأحزاب/٦٤-٦٥
معناه أن الكفار يخلدون في نار جهنم ولا ينقطع عنهم العذاب في الآخرة، فجهنم باقية لا نهاية لها والكافر لا يخفف عنه العذاب فيها.
قال الله تعالى: إنّ الله لعنَ الكافرين وأعدّ لهم سعيراً خالدين فيها أبدا لا يجدون وليّا ولا نصيرا .سورة الأحزاب (64-65)
وقال الله تعالى: ومَنْ لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدْنا للكافرين سعيرا .سورة الفتح(13)
قال الله تعالى: وأمّا الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أنْ يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيلَ لهم ذوقوا عذابَ النار الذي كنتم به تكذبون. سورة السجدة(20)
معناه لهم عذاب دائم في نكد. لذلك الكفار يوم القيامة بعدما يدخلون جهنم لا تنتهي محاولاتهم للفرار من جهنم، ولكن من دون جدوى. وذلك لأن ملائكة العذاب ترُدّهم. وهذا يدلّ على أنهم في عذاب مستمرّ لا ينتهي 
فالحاصل أنّ الكافر ما دام حَيّا في الدنيا فإنه يتقلب في رحمة الله. 
 وأما إذا مات على الكفر فلا يجوز لمنْ عَلِمَ بحاله أنْ يطلب من الله له الرحمة. لأنه يكذب القرءان. ويكذب دين محمّد. ويكذب ما عُلِم من الدين بالضرورة وظهر بين المسلمين وانتشر انشارا لا يُردّ ولا ينفع الجاهل جهله فيما عُلِم من الدين بالضرورة 
دين الله ليس ملعبة، دين الله ليس بالرأي.. 
الإيمان هو الأساس، بدون الإيمان لا ينفع الإنسان شىءٌ.
الرسول أول ما دعا الناس دعاهم إلى الإيمان.
لما عائشة رضي الله عنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عن قريب لها يسمى عبد الله بن جدعان، هذا كان رزقه الله رزقًا كثيرًا، كان في الجاهلية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كان شديد الكرم يوزع الطعام ويضع الطعام في طريق المسافرين ويصل رحمه ويكرم الضيف، فقالت عائشة رضي الله عنها للرسول صلى الله عليه وسلم: إن ابن عمي عبد الله بن جدعان كان يقري الضيف ويصل الرحم ويفعل ويفعل (أي من الإحسانات)، قالت: يا رسول الله، هل ينفعه ذلك؟
قال: لا لأنه لم يقل يومًا رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين.
معناه لم يكن مسلمًا لم يكن يؤمن بيوم الدين، هو من أهل الفترة قبل البعثة، لكن لا يكتب له حسنات مع أنه قبل بعثة الرسول.. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: 
*"وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له منها نصيب"* 
الله لا يرحمه في الآخرة، لا يُدخله الجنة، فلا يجوز الترحم على كافر مات. 
الرسول صلى الله عليه وسلم كان معه سيدنا عمر فقال لعمر:
*"يا ابن الخطاب نادِ أنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة"* 
ولا يكون شهيدا إلا من شهد بأن لا إله إلا الله محمد رسول الله. ولا يجوز الدعاء بالرحمة والمغفرة والجنة لمن مات على غير دين الإسلام، ولا يجوز الصلاة عليه أيضا. 
هذا من ثوابت العقيدة وأصول الدين. 
قال تعالى في سورة آل عمران آية ٨٥:
"وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ". صدق الله العظيم 
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: "والذي نفْسُ محمدٍ بيدِهِ ، لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمةِ ، لا يهودِيٌّ ، و لا نصرانِيٌّ ، ثُمَّ يموتُ ولم يؤمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به ، إلَّا كان من أصحابِ النارِ". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
لكن للأسف الميزان اختلّ في هذا الزّمان العجيب الذي نحن فيه، ولو كنتَ وحدك اتبع الحقّ والدّليل ولا تكن من جملة القطيع الذي يُساق إلى الذبح وهو لا يدري. 
والأمر كما أسلفت يحتاج إلى إنصاف وإلى معرفة ودراية بما يُتنازع فيه، فليس للجاهل أن يكون حَكَما في مسائل شرعيّة بل عليه أن يتعلّم ويتّبع الدّليل الواضح القاطع الذي لا لُبس فيه، ولا يحاجج عن غيره بهوى نفس قد يؤدّي به إلى الغوص في الفساد أكثر فأكثر. 
لو نظرت بعد كلمة... أكثرهم ...فى القرآن تجد..
لا يؤمنون
لا يعقلون
لا يفقهون
لا يعلمون
لا يعملون
فلا يهمك كثرة الهالكين وقلة سالكين طريق الحق..
الجنة لا يدخلها إلا مسلم موحد و لا يقال عن غير المسلم حقا شهيد ولا يجوز الترحم على غيره ومن يكذب يكون عاند القران والدين وكذب الله والرسول وموعده جهنم إن مات على ذلك.
قول الحق لا يقدم أجلا و لا يمنع رزقا..
الحمد لله الذي لم يجعلنا من أهل الدنيا السفهاء اللهم حسن الختام. 
وقد نصحناك حامدينَ اللهَ أنْ وفَّقنا إلى ذلك فهنيئًا للرَّاكبين في سفينة النَّجاة واللهُ المُستعان هو نِعمَ المولى ونِعم الوكيل.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (٤٤)
قوله تعالى ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) سورة المدثر/٣١
يعني أن الملائكة الذين خلقهم الله لتعذيب أهل النار لا يعلم عددهم إلا الله، وخزنة النار تسعة عشر ولهم من الأعوان والجنود من الملائكة ما لا يعلم إلا الله، وليس معنى جنود ربك أن الملائكة أعوان الله فالله لا يحتاج أحدا من خلقه.

 أنّ الخلقَ لا يحيطُ أحدٌ منهم بكلِّ شىءٍ من المخلوقات ، قال تعالى {وما يعلمُ جنودَ ربِّك إلا هو} 

فالملائكةُ لا يعلمُ عددَهم إلا الله حتى رؤساءُ الملائكةِ لا يحيطونَ بعددِ الملائكة ، فإنْ كان الملائكةُ لا يُحصِيهم عددًا إلا الله فكيف بجميعِ الخلق ؟

الملائكةُ أكثرُ عددًا من أوراقِ الأشجارِ وحباتِ الرمالِ وقطَراتِ الأمطار ، مَن يُحصي ذلك إلا الله!.


꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى
 (٤٥)قوله تعالى ( ووجدك ضالا فهدى ) سورة الضحى/٧
معناه أنك يا محمد لم تكن تدري القرءان وتفاصيل الشرائع فهداك الله أي أرشدك إلى معرفة القرءان وشرائع الإسلام.
تفسير قوله تعالى (ووجدك ضالا فهدى)
ووجدك ضالاّ فهدى:فإن سأل سائل فقال:أكان رسول الله صلّى الله عليه وآله ضالاّ قبل ذلك فقل حاشاه مِنْ ذلك ،وفي ذلك اقوالٌ:أحدها أيْ وجدك يا محمد بين قوم ضُلاّل فهداهم الله بك . وقال آخرون :ضلّ ذات يوم عن عمّه أبي طالب فحزن ثمّ وجده.وقال آخرون هذا مثل قوله : وعلّمك ما لم تكن تعلم 113 النساء. فأمّا الضلال الذي هو ضدّ الإيمان فحاشاه صلّى الله عليه وسلّم أن يكون ضلّ طرْفة عين. ألم تسمعْ إلى قوله عزّ وجلّ: والنجمِ إذا هوى . ما ضلّ صاحبُكمْ وما غوى_ سورة الضحى من كتاب إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم للحسين بن أحمد إبن خالويه المُتوفّى سنة 370 هجرية رحمه الله تعالى

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂


ءاية ومعنى (٤٦)
قوله تعالى ( وكلم الله موسى تكليما ) سورة النساء/١٦٤
معناه أن الله تعالى أسمع موسى كلامه الأزلي الأبدي الذي لا يشبه كلام المخلوقين، فالله متصف بكلام ليس حرفا وليس صوتا وليس لغة ليس ككلام خلقه.

( وكلم الله موسى تكليما ) معناه أن الله أزال الحجاب عن سمع سيدنا موسى فسمع كلام الله الأزلي الذي ليس حرفا ولا صوتا ولا لغة.


​اللهُ تبارك وتعالى يُقالُ لهُ: ( متكلمٌ )ولا يقال له: (ناطقٌ) لأن كلامه ليس حرفًا ولا صوتًا​ 
لو كان كلامُه حرفًا وصوتًا لقيل له: (نَاطقٌ يَنطِقُ) لكنْ ما ورد في القرءانِ ولا في الحديثِ: (اللهُ نَاطِقٌ) أوْ ( اللهُ يَنطِقُ)
إنما ورد في القرءان:
​"وكلّم اللهُ موسَى تكليمًا"​. 
اللهُ أمر موسى بالوحيِ أن يذهب إلى جبل الطور، فمكث هناك أربعينَ ليلة.ً اللهُ أسمَعهُ كلامَهُ الذي ليسَ حَرفًا ولا صَوتًا. اللهُ تعالى أسمَعَ الرسولَ محمدًا كلامَه الذي ليس حرفًا ولا صوتًا ليلة المعراج.
أما جبريلُ فهو يُبلغُ الوحيَ للأنبياء، كُلُّ الأنبياءِ هو نزلَ عليهِم. جبريلُ يَسمعُ كلامَ اللهِ فيبلغُ الأنبياءَ ثم الأنبياءُ يُبلغون أمَمَهُم.
كلامُ اللِه الذي ليسَ حرفًا ولا صوتًا لا نَستطيعُ أنْ نتَصورَه بالنفسِ؛ كمَا أنَّهُ لا يُمكنُ تَصَورُ ذاتِ اللهِ في النفسِ.
لكنْ يومَ القيامةِ كُلُّ الناسِ يَسمعونَ كلامَ الله:
■ فالكافِرُ يسمَعُ كَلامَ الله فينزعجُ يرتعدُ خَوفًا مِن سماعِه لكلامِ الله .
■ أما المؤمنُ التقيُّ عندما يسمَعُ كَلامَ الله يزدادُ فَرحًا.
📌والقرءانُ الكريم والإنجيلُ والتوراة والزبور وكلُّ الكتب السماوية مكتوبة في اللوح المحفوظ. بقدرة الله جرى القلم، من غير إمساك كما يُمسِكُ الإنسانُ القلمَ، 
لأنَّ اللهَ لا يَمَسُّ ولا يُمَسُّ، لأنهُ ليسَ حَجمًا. 
اللهُ تعالى يَخلقُ بلا ءالةٍ ولا مباشرةٍ، لأنه ليس حجمًا لطيفًا ولا حجمًا كثيفًا.
كتب القلمُ هذه الكتب ثم أمرَ اللهُ جبريلَ بعد أن خلق الأنبياء: خذ هذا الكتابَ وأنزِلْه على فلانٍ النبيِّ؛ فيُنزلهُ جبريلُ حتى كان ءاخِرَ ما أنزله القرءانُ الكريم، أنزله على محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
جبريلُ قرأه علَى محمدٍ بالحرفِ والصوتِ ليس اللهُ يقرؤُهُ بالحرفِ والصوتِ كما نقرأ نحنُ، لو كان اللهُ يقرأُ بالحرفِ والصوتِ لكانَ مِثلَنا.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى 47

قوله تعالى {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} (1) قُلْ أَيْ يَا مُحَمَّدُ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَحَدٌ أَيْ وَاحِدٌ، أي الذي لا يَقْبَلُ التَّعَدُّدَ والكَثْرَةَ ولَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ في الذَّاتِ أَو الصّفَاتِ أَو الأَفْعَالِ، وَلَيْسَ لأَحَدٍ صِفَةٌ كَصِفَاتِه، بَلْ قُدْرَتُه تَعَالى قُدْرَةٌ وَاحِدَةٌ يَقْدِرُ بِهَا عَلَى كُلِّ شَىءٍ وعِلْمُهُ وَاحِدٌ يَعْلَمُ به كُلَّ شَىءٍ. فَاللهُ تَعَالَى وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا شَبِيهَ لَهُ وَلا وَزِيرَ لَهُ لا يُشْبِهُ شَيْئًا وَلا يُشْبِهُهُ شَىْءٌ وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ.

 
꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (48)
قوله تعالى ( الله الصمد ) سورة الإخلاص/٢
معناه أن الله تعالى هو الذي يُحتاج له في الأمور كلها وأما الله فلا يحتاج أحدا من خلقه، فالله هو المستغني عن كل ما سواه، ولا يحتاج للعرش ولا للسماء ولا للملائكة.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللهُ الصَّمَدُ } (2) أيِ الذي تَفتَقِرُ إِليه جَمِيْع المَخلُوقَاتِ، معَ استِغْنَائِه عنْ كُلِّ مَوْجودٍ، والذي يُقْصَدُ عندَ الشّدَّةِ بجَميعِ أنْواعِها ولا يَجْتَلِبُ بخَلْقِه نَفْعًا لِنَفْسِه ولا يَدْفَعُ بِهمْ عنْ نَفْسِه ضرًّا. أي مُستغْنٍ عنْ كُلِّ شىءٍ وكُلُّ شىءٍ يحتاجُ إليه.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂
ءاية ومعنى 49

قَوْلُهُ تَعَالَى:

 {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3) نَفْيٌ لِلْمَادّيَّةِ والانْحِلالِ وَهُوَ أَنْ يَنْحَلَّ مِنْهُ شَىءٌ أَوْ أَنْ يَحُلَّ هًوَ في شَىءٍ. أيْ أنَّه ليسَ أبًا ولا ابنًا.


وَمَا وَرَدَ في كتاب "مَوْلِدِ العَرُوسِ" مِنْ أنَّ اللهَ تَعالى قَبَضَ قَبْضَةً مِن نُورِ وجْهِهِ فَقَالَ لها كُوْنِي مُحمَّدًا فَكَانَتْ مُحمَّدًا فَهذِه مِنَ الأَبَاطِيلِ المَدْسُوسَةِ، وحُكْمُ مَنْ يَعْتَقِدُ أنَّ مُحمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُزْءٌ مِنَ اللهِ تَعَالى التَّكْفِيرُ قَطْعًا، وكَذَلِكَ الذي يَعْتَقِدُ في المَسِيحِ أنَّه جُزْءٌ منَ اللهِ. 


وليسَ هذا الكتاب لابنِ الجَوزيّ رحمهُ اللهُ ولم يَنسُبْهُ إليهِ إلا المُستَشرِق برُوكلمَان.

 ꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂
ءاية ومعنى 50

قَوْلُهُ تَعَالَى:
 {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4)

أيْ لا نَظِيْرَ لَهُ بِوَجْهٍ منَ الوُجُوهِ. أيْ لا شَبِيهَ لَهُ.


(1) أخرجَ البيهقيُّ في الأسماءِ والصّفاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْيَهُودَ، جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ} [الإخلاص: 2] فَيَخْرُجُ مِنْهُ {وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3]فَيَخْرُجُ مِنْ شَيْءٍ، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4]وَلَا شَبَهٌ. فَقَالَ: «هَذِهِ صِفَةُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَدَّسَ عُلُوًّا كَبِيرًا» 



꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂



ءاية ومعنى (51)
قوله تعالى ( وهو السميع البصير ) سورة الشورى/١١
معناه أن الله تعالى متصف بالسمع والبصر، والله يسمع كل المسموعات بلا حاجة إلى أذن ولا ءالة أخرى، سمعه ليس كسمعنا، ويرى كل المبصرات بلا حاجة إلى حدقة ولا عين جارحة، بصره ليس كبصرنا.

الله تبارك وتعالى قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير} اللهُ تعالى ذكَر التّنزيهَ قَبلَ إثباتِ السَّمْع والبَصَر حتى لا يتَوَهَّم متوهم أنّ سَمعَه تعالی كسَمْع غَيرِه وأنّ بَصرَه كبصَر غَيرِه، لأنّ سَمعَه وبصرَه سبحانه أزليّان أبديّان.
اللهُ تعالى بما أنّه ذاتٌ ليسَ حَجمًا كثيفًا ولا لطِيفًا ولا صَغِيرا ولا كبيرا لا يَكونُ ذاتُه كذَواتِ غَيرِه.

الحَجمُ إن كانَ لَطِيفًا وإن كانَ كثِيفًا لهُ صفاتٌ، ومِن صِفاتِه الحركةُ والسُّكُون.
النّورُ والظّلام والرّيحُ لهُ امتِدادٌ، مِقدارٌ مِنَ الفَراغ يَنتَهِي إليه. هذا معنی الامتداد.
قال الامام الطحاوي: ومن وصف الله بمعنی من معاني البشر فقد كفر.




꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (52)

قوله تعالى ( هو الأول والآخر ) سورة الحديد/٣
فالله هو الأول الذي لا بداية لوجوده فهو وحده القديم الأزلي الذي ليس لوجوده ابتداء وكذلك هو الآخر الذي لا نهاية لوجوده فلا يفنى فهو الأبدي الذي ليس لوجوده انتهاء، وكذلك سائر صفاته أزلية أبدية.

قال الله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [سورة الحديد/ 3]

قال الطبري في تفسيره: "فلا شىء أقرب إلى شىء منه، كما قال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [سورة ق/ 16]". 
أي أن الطبري نفى القُرْبَ الحِسِّي الذي تقول به المجسمةُ، أما القرب المعنوي فلا يَنفيه، وهذا دليل على تنزيه الله عن المكان والجهة. فالله تعالى هو الأول أي الأزلي الذي لا ابتداء لوجوده، كان ولم يكن مكانٌ ولا زمان ثم خلق الأماكنَ والأزمنة ولا يزال موجودًا بلا مكان، ولا يطرأ عليه تغيّر لا في ذاته ولا في صفاته.

﴿ هُوَ ٱلْأَوَّلُ وَٱﻵخِرُ وَٱلظَّٰٰاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ﴾
[سورة الحديد/٣]

قَالَ النَّسَفيُّ فِي تَفسيرِهِ: 

{ هُوَ الأَوَّلُ } هُوَ الْقَدِيمُ الَّذِي كَانَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ،

{وَالآخِرُ } اَلَّذِي يَبْقَى بَعْدَ هَلاكِ كُلِّ شَيْءٍ،

{وَالظَّاهِرُ } بِاﻷدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ،

{وَالْبَاطِنُ} لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُدْرَكٍ بِالْحَوَاسِّ وَإِنْ كَانَ مَرْئِيًّا، وَالْوَاوُ الْأُولَى مَعْنَاهَا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّهُ الْجَامِعُ بَيْنَ الصِّفَتَيْنِ؛ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْآخِرِيَّةِ؛ وَالثَّالِثَةُ عَلَى أَنَّهُ الْجَامِعُ بَيْنَ الظُّهُورِ وَالْخَفَاءِ؛ وَأَمَّا الْوُسْطَى؛ فَعَلَى أَنَّهُ الْجَامِعُ بَيْنَ مَجْمُوعِ الصِّفَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَمَجْمُوعِ الصِّفَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ؛ فَهُوَ الْمُسْتَمِرُّ الْوُجُودِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ الْمَاضِيَةِ وَالْآتِيَةِ وَهُوَ فِي جَمِيعِهَا ظَاهِرٌ وَبَاطِن. 

(فالوَصفُ إِذا أُطلِقَ عَلَى اللهِ تَجَرَّدَ عَنِ الزَّمَانِ وأفادَ مَعنَى اﻷزَلِيَّةَ والدَّوَامِ. 

وَقِيلَ: "اَلظَّاهِرُ": اَلْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءِ؛ الْغَالِبُ لَهُ؛ مِنْ "ظَهَرَ عَلَيْهِ"؛ إِذَا عَلَاهُ وَغَلَبَهُ؛ 

وَ"اَلْبَاطِنُ": اَلَّذِي بَطَنَ كُلَّ شَيْءِ؛ أَيْ: عَلَمَ بَاطِنَهُ؛ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ  

فمَعْنَى الأَوَّلِ إِذَا أُطْلِقَ عَلَى اللَّهِ الَّذِي لا ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ فَهُوَ وَحْدَهُ الأَوَّلُ بِهَذَا الْمَعْنَى، قَالَ تَعَالَى: 
﴿هُوَ اْلأَوَّلُ وَاْلآخِرُ﴾ 
[سُورَةَ الْحَدِيد/ ٣]، 
فأولية الله مطلقة، أما الأولية بالنسبة للمخلوق هي أولية نسبية.
مثلًا يقال: سيدُنا ءَادَمُ أولُ إنسانٍ.  
 
قال الإمام النسفيُّ رحمه الله عَنْ تنزيهِ اللِهِ عنِ الزمانِ: 
《وَلا يَجْرِي عَلَيْهِ زَمَانٌ》. 
مَعنَاهُ أنَّ الزمَانَ عندَ أهلِ الحقِّ مُقارَنةُ مُتجددٍ بِمُتجددٍ ءاخر، أو بِعبارةٍ أُخرَى متجدِّدٌّ يُقَدَّرُ بهِ مُتَجدِّدٌ ءاخَرُ، يعني أنتَ عندَما تَقولُ: 
(أنا استغرقْتُ في هذا العَملِ سَاعَةً) 
يعنَي أنا استَمرَرْتُ في هَذا العملِ مُدةً أَقِيسُها بِذِهني بِمُدةِ دوَرانِ عقربِ الدقائقِ في الساعَةِ الفلكية دورةً كاملةً، فَدَورانُ العقرب شيءٌ متجددٌ وعملُكَ متجدِّدٌ، فقارنْتَ متجددًأ بمتجَددٍ ءاخَرَ، عملُكَ اقترَنَ استَمَرَّ نفسَ مدةِ دورانِ عقربِ الدقائقِ دورةً كاملةً، عَملُكَ قارنَ هَذا ، إلَى اﻵن مضَتْ ساعةٌ مِن أولِ ابتداءِك بالعَمَل، فالزمان هو هذا، فالزمان هو مقارنةُ متجددٍ بمتجددٍ ءاخَر، أو تقديرُ متجددٍ بمتجددٍ ءاخَر ﻹزالةِ اﻹبهامِ عنِ اﻷول بالثاني. 
مَثلًا تَقول: (النبيُّ محمدٌ صلى الله عليه وسلم وُلِدَ بمَكةَ) فإنْ قِيلَ : مَتَى وُلِدَ النبيُّ محمدٌ صلى الله عليه وسلم؟ 
فالجوابُ: (وُلدَ يومَ الاِثنينِ في الثاني عَشَرَ مِن شهرِ ربيعٍ الأولِ عَامَ الفيلِ).

فبِالنَسبةِ لِلمستَمِعِ يُقالُ للبصيرِ الذي يَسألُ : (متَى جَاءَ زيدٌ؟)
 الجَوابُ: (جَاءَ زَيدٌ عِندَ طُلوعِ الشمسِ) 
فهُنا أُزيلَ اﻹبهَامُ عَن وَقتِ مَجيءِ زَيدٍ بطلوعِ الشمسِ،
أما بالنسبةِ للأعمَى فالجوابُ له عندَما يسألُ :متَى طلَعَتِ الشمسُ؟ ﻷنهُ لا يَرى ضَوءَها
الجوابُ: ( طلَعتْ الشَّمسُ لَمَّا جَاءَ زيدٌ).

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى (53)
قوله تعالى ( ولله المثل الأعلى ) سورة النحل/٦٠
أي لله الوصف الذي لا يشبه وصف غيره، فالله تعالى موصوف بصفات الكمال اللائقة به وهو منزه عن كل نقص سبحانه وتعالى كالجسم والعجز والجهل والمكان والحيز.

قال المفسِّرُ اللغويُّ أبو حيّان الأندلسيّ في تفسيره [النّهر الماد]: "{وَللهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ} أيِ الصّفة العليا من تنـزيهه تعالى عن الولد والصّاحبة وجميع ما تنسب الكفرةُ إليه ممّا لا يليق به تعالى كالتّشبيه والانتقال وظهوره تعالى في صورة" اهـ.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂

 آية ومعنى(54) 

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } [سورة الأنبياء]

قال ابن جرير الطبري {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ} يعني بذلك أن أرض الجنة {...يَرِثُهَا عِبَادِيَ} - أي - العاملون بطاعته المنتهون إلى أمره ونهيه»، ثم قال: «وقد ذكرنا قول من قال أن الأرض يرثها عبادي الصالحون أنها أرض الأمم الكافرة ترثها أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو قول ابن عباس الذي روى عنه علي بن أبي طلحة» اهـ.
وقال الإمام أبو منصور الماتريدي : «قال عامة أهل التأويل: هي الجنة، أخبر أن الجنة إنما {يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} ، وهو ما ذُكر في آية أخرى {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [سورة المؤمنون] ، فيكون هذا تفسيرًا لذلك».

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂
ءاية ومعنى 55

معنى قوله: “وروحٌ منه”

قال الله تعالى: “وروحٌ منه” [النساء: 171]. ومعناها أن روح المسيح روح خلقها الله وشرَّفها، فهي من عند الله تعالى خلقًا وتكوينًا ومشرفة عند الله عز وجل. الإضافة هنا إضافة ملكية وتعظيم، وليست إضافة جزئية.

ليس المقصود أن المسيح جزء من الله تعالى، لأن الله سبحانه وتعالى ليس أصلًا لغيره ولا هو فرع عن غيره. الله عز وجل ليس روحًا ولا جسدًا. قال الله تعالى: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 3-4].

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى 56

قال الله تعالى :
 { وأشرقتِ الأرضُ بنُورِ ربِّها } (الزمر / ءاية 69)

أي بحُكم الله، هذا عن يوم القيامة، لأنه في يوم القيامة لا يُوجد هناك إلا الحكم الذي هو الحقّ. وليس معناه أن الله ضوء فربنا تعالى هو الذي خلق النور والظلام، قال سبحانه وتعالى : "ولله المثل الأعلى" ( النحل / 60) أي الوصف الذي لا يشبه وصف غيره. قال القرطبيّ: "ومعنى بنور ربّها: بعدل ربّها. وقاله الحسن وغيره. وقال الضحاك بحكم ربّها والمعنى واحد، أي أنارت وأضاءت بعدل الله وقضائه بالحقّ بين عباده، والظلم ظلمات والعدل نور".اهـ

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى 57

 ﴿وأن إلى ربك المنتهى﴾

قال الله تعالى ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى﴾ معنى هذه الآية أن الله تبارك وتعالى لا يصل إليه فكر الإنسان أي لا يمكن أن يتصوره فكر الإنسان، أن يتصور الله فكر الإنسان لا يمكن، فكر البشر يصل إلى المخلوقات فقط، لماذا؟ لأن الله ليس له شبيه ولا يشبه شيئًا من العوالم التي يعرفها الإنسان، الإنسان يعرف العالم الكثيف والعالم اللطيف. العالم الكثيف هذه الأشياء التي لها حجم يضبط باليد كالشجر والحجر والشمس والقمر والإنسان والبهائم، والعالم اللطيف هو المخلوق الذي لا يضبط باليد كالنور والظلام. ثم هذان النوعان الكثيف واللطيف كل له صفات، كل من النوعين اللطيف والكثيف له صفات، من جملتها التحيز في جهة ومكان والحركة والسكون والانفعال واللون، هذه صفات العالم. الله تعالى ليس كالعالم اللطيف ولا كالعالم الكثيف، ولا يتصف بصفات العالم اللطيف والعالم الكثيف، ليس جسمًا له حد ومقدار، لا حد صغير ولا حد كبير، الله تعالى ليس كأصغر حجم الذي هو في منتهى القلة، في منتهى الصغر، ولا هو كأكبر حجم وهو العرش، ولا هو حجمًا أوسع من العرش، حتى إنه لا يجوز أن يعتقد أن الله حجم لا نهاية له، كل هذا من صفات الخلق. الخلق إما أن يكون حجمه صغير أو حجمه كبير أو وسط بين الصغير والكبير، وإما أن يكون متحركًا وإما أن يكون ساكنًا، النجوم دائمًا تتحرك كل نجم يتحرك، حتى النجم الذي لا يرى الإنسان حركته له حركة بطيئة. وقسم من العالم ساكن دائمًا، السموات والعرش ساكنون. ثم كل من هذه العوالم له حجم مخصوص وشكل مخصوص، الله ليس كذلك، ليس كشىء من ذلك، لذلك لا يمكن تصور الله تعالى. الإنسان مهما حاول أن يتصور الله فليس هذا الذي يتصوره الله، الله تعالى خلق العرش ليكون كعبة للملائكة، الملائكة الذين حول العرش يطوفون كما نحن نطوف بالكعبة التي في مكة ليس لأن الله يسكن العرش يطوفون حوله أولئك الملائكة، وهذه الكعبة ليس لأن الله يسكنها أو هو قاعد على أعلاها يطوف المؤمنون بها. الله تعالى ليس شيئًا حجمًا صغيرًا ولا كبيرًا ولا حجمًا لطيفًا ولا حجمًا كثيفًا، الحجم هو الذي يأخذ مكانًا وجهة، الشمس لها جهة ومكان في الفضاء، والعرش له جهة ومكان، جهة فوق، والإنسان والجن والبهائم لهم جهة ومكان، وهي هذه الأرض، جهة التحت، بالنسبة للعرش الأرض جهتها تحت. فالله تبارك وتعالى بما أنه لا يشبه شيئًا لذلك لا ينتهي إليه الفكر، لا يصل إليه الفكر، لا يدرك الله تعالى أفكار الخلق لا تدركه، هذا معنى هذه الآية ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى﴾ قال سيدنا أبيُ بن كعب رضي الله عنه الذي هو أحد مشاهير الصحابة في تفسير هذه الآية "إليه انتهى فكر من تفكر"، معناه الفكر لا يُدرك الله إنما الفكر في المخلوقات. المؤمن يكفيه أن يعتقد أن الله موجود من غير أن يتصور أنه في جهة فوق أو جهة تحت أو أنه جسم كبير لطيف كالنور أو الهواء، ومن غير أن يتصور أنه جسم كثيف كالشمس والقمر والإنسان، من غير أن يكون متحيزًا في جهة ومكان، من غير أن يكون متحركًا أو ساكنًا، هو موجود من غير أن يكون كذلك، هذه هي معرفة الله، هذا هو الإيمان بالله. أما الذي يعتقد أن الله جسم قاعد على العرش مالئ للعرش أو على بعض العرش ليس على كله، هؤلاء ما عرفوا الله. هذا التفسير الذي ذكرناه عن سيدنا أبيِّ بن كعب معناه مثل هذه الآية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾. ويوجد عالم جليل ولي من أولياء الله من التابعين ليس من الصحابة فسر هذه الآية كما فسر أبي بن كعب، يقال له عبد الرحمن بن أبي نُعُم، هذا عبد الرحمن بن أبي نُعُم قال مثل ما قال أُبي بن كعب في تفسير الآية، قال إليه انتهى فكر من تفكر. هذا عبد الرحمن بن أبي نُعُم كان من أعبد الناس، من أعبد الناس أي من أكثر الناس اشتغالًا بالعبادة، حتى قال بعض العلماء الذين كانوا في عصره لو قيل لعبد الرحمن بن أبي نُعُم تقبض روحك غدًا ما بقي لك إلا هذا النهار لا يجد زيادة في الاجتهاد في الطاعة أكثر مما كان عليه.

ثم إنه كان الحجاج أخذ عبد الرحمن بن أبي نعم قال حطوه في السجن احبسوه ولا تفتحوا حتى يموت جوعًا، خمسة عشر يومًا تركوه في الحبس، ثم قال لهم افتحوا ادفنوه ظن أنه مات، لما فتحوا الباب وجدوه قائمًا يصلي ما أثر فيه الجوع، عاش خمسة عشر يومًا لا يأكل ولا يشرب وما فتر عن الصلاة، عن الاجتهاد في العبادة ما فتر، الله تعالى أعطاه قوة بغير أكل بغير شرب.

꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂

ءاية ومعنى 58


تفسير قوله عز وجل ﴿وأنه هو رب الشعرى﴾

كلمة ءالهة جمع إله، ولا يوجد إلا إله واحد، يقال الله إلهنا، الله إله واحد، أما المعبودات التي يعبدها الكفار يقال لها ءالهة ءالهتهم، لا يقال لها ءالهة بمعنى إثبات الألوهية لها، بل بمعنى أنها عبدت من دون الله، عبدها الكفار. كلمة إله، الإله هو الله لكن الكفار أخذوا اسم الإله للأشياء التي عبدوها، مجموعها جملتها يقال ءالهتهم، ثم هذه الآلهة قسمان، قسم بشر عبدهم بعض البشر، وقسم أحجار ونجوم. بعض العرب الأول كانوا يعبدون نجمًا اسمه الشِعرَى وهو النجم الذي قال الله في القرءان ﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى﴾ معناه أنا خالق الشعرى التي يعبدها أولئك الكفار، وقسم يعبدون هؤلاء السبعة الشمس والقمر وزحل وعطارد والمشتري ومريخ والزهرة. وقسم يعبدون أشخاصًا، هذا بوذا، بوذا شخص من بني ءادم يعبده اليابان والصين وغيرهم. كذلك يوجد غير بوذا من البشر الذين عبدهم الكفار، هؤلاء الذين عبدهم الكفار وهم من جماد، ذهب أو فضة أو حجر أو شجر، يوم القيامة يُرمَون في جهنم مع الذين يعبدونهم في الدنيا، وهناك أناس ليسوا كفارًا عبدهم الكفار، هؤلاء لا يشاركونهم في الآخرة بما يصيبهم من العذاب كسيدنا عيسى. عيسى ليس هو أمرهم بعبادته بل أمرهم بعبادة الله وحده فخالفوه هو لا يشاركهم في عذاب الآخرة. كذلك كان رجل اسمه عُزير يجوز أن يكون بلغ إلى النبوة، ويجوز أن يكون لم يبلغ درجة النبوة، يجوز أن يكون لم يدخل في النبوة. هذا أيضًا اليهود في القديم عبدوه كانوا يقولون ابن الله. ويوجد غير سيدنا عيسى وعزير من البشر الذين هم من عباد الله الصالحين عبدهم الكفار كعلي بن أبي طالب، هؤلاء لا يشاركون الذين عبدوهم في العذاب والخزي، خزي يوم القيامة.
أحدث أقدم